للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[برالأم واجب ولو كانت فاسقة]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمن الرحيم

باختصار أنا عمري ٣٥ سنة الآن طلق أبي أمي منذ عشر سنوات وحلف عليها في مشكلة وقال لها إذا لم يخرج ابنك من هذا البيت فأنت طالق، وبعد ذلك سافرت إلى بلدها واستخرجت ورقة الطلاق بطريق غير سليمة وبشهادات زور، وذلك لكي يتمكن لها الزواج مرة أخرى، وبعد ذلك تزوجت مرتين عرفيا من أولاد أصغر من أولادها، السؤال هو الآن هل يجوز برها كما قال الله وبالوالدين إحسانا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن حق الوالدين في البر والإحسان واجب على كل الأحوال، سواء كانا طائعين لله عز وجل أو عاصين له، وذلك لأن فضلهما على من ولدوا عظيم يستوجب ذلك لهما البر وحسن العشرة، وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على وجوب بر الوالدين، بل إن القرآن الكريم قرن برهما في كثير من الآيات بتوحيد الخالق سبحانه، فقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:٢٣} ، وقال سبحانه: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:٣٦} .

وفي الحديث الصحيح المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.

وعلى هذا فالواجب عليك بر أمك بالمعروف والإحسان إليها، وإذا رأيت منها أمراً يخالف الشرع فلتنصحها بتركه وليكن ذلك بأسلوب مؤدب، فإن قبلت منك فاحمد ربك على ذلك، وأن أبت فليس لك إلا الدعاء لها بالتوبة والاستقامة.

علماً بأن صغر الزوج لا علاقة له بصحة النكاح، وعليه فإذا كان زواج أمك هذا الصغير زواجاً صحيحاً مستوفياً لشروط النكاح فلا حرج عليها في ذلك ولا لوم، لكن لا بد من ثبوت طلاق زوجها الأول لها وخروجها من عدته، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: ١٣٩٣، والفتوى رقم: ٧٠.

وعلى كل حال فبر الأم والإحسان إليها واجب ولو كانت فاسقة، بل ولو كانت كافرة، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون {لقمان: ١٥} .

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٩ ذو الحجة ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>