للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مدى وجوب مشاورة الآباء لأولالدهم في الزواج وغيره]

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو من سيادتكم التكرم بالرد على سؤالي حول علاقة الآباء بالأبناء وكيفية تعامل الأبناء مع الآباء، وسؤالي الذي يحيرني باختصار: أن والدي ووالدتي يفرقون في التعامل بيننا نحن الأخوات، ونحن سبع أخوات ستة فتيات وصبي، فمثلاً نحن ثلاث فتيات منا متزوجات ومعانا أطفال صغار وقد نضطر في بعض الحالات لترك أطفالنا عند والدتنا حتى انتهاء أعمالنا، فما يكون من الأم وهي في الخمسين من عمرها إلا بالشكوى من أطفال إحدانا للأخرى في التليفون وكيف أنهم يركضون في المنزل وووو، وهذا بالتدريج فمن تترك أطفال فوراُ يتم الشكوى منهم للآخريات حتى أنها تقول ذلك أمام الأخوات الغير متزوجات، جعلهن لا يطقن أطفالنا إن علمن بقدومهم إليهن، وعندما تزوجت الأخت الرابعة عن غير رضا منا نحن الثلاث فتيات المتزوجات حيث إن زوجها كان يريد الزواج منها وهي ما زالت في الجامعة وكثيرة الرسوب، بلا أي ضمانات تضمن حقها في أي شيء ولا حتى شقة لها، حيث إنه أراد الزواج منها لمدة شهرين اثنين فقط، ثم يتركها في بيت والدينا هي ومن في بطنها، فلما اعترضنا قالوا، إن الرأي رأيهما فقط، وأنهما لا يأخذان برأي أبنائهم، وكان تفكيرهم فقط أنه سيريحهم من مصاريف الجامعة والتي ترسب فيها كثيراً!!! المهم أن هذه الأخت وجودها ووجود ابنها على قلب والدينا مثل العسل، أما أولادنا نحن فكأنهم أولاد الشوارع مجرد وصولهم تبدأ الشكاوى واللعنات، كما أن لنا الأخت الثالثة، مجرد تخرجها أعجب بها أحد الشباب وأراد التقدم لها، وكانت كأنها القيامة، فكان السباب لهذه الأخت، ووالدتي لم تترك أحدا فينا إلا واتصلت به لكي تؤكد على ضرورة رفض هذا الشاب وعدم الرضا به، ووصل بها أنها بدأت تكره كل واحدة فينا في هذه الأخت تماماً حتى تمكنت من ذلك تماماً، حتى أنها كرهت والدها فيها وفي الشاب الذي أراد التقدم لها، وأقسم لك يا سيدي أنه لم تصدر منها أو من هذا الشاب أي شيء يعاب ولكن هذه هي أمنا!!! وفي الوقت الذي تقدم فيه الآن أحد الشباب إلى أختي الصغرى والتي نعلم تماماً عن علاقاتهم معاً منذ زمن، حتى أن أختي الثالثة أكثر الرافضات لهذا الزواج، لأنها تقول \"ولم لم تزوجوني لشاب أرادني وجاء من الباب إليكم وفعلتم بي ما لا يفعل، وهذه برغم علمكم بما يفعله هو من الكلام عن هذه الأخت منذ أكثر من عام بأنه خطبها وسيتزوجها قريباً، وحجته إنه \"بيحجزها\" فلماذا هذه التفرقة، أقسم لكم أنه هناك أكثر من ذلك، ولكن ما أريد معرفته هو كيف نتعامل مع هذين الأبوين، وهما لن يدوما لنا طويلاً، فبعد عمر طويل سيخلفوا وراءها أخوات متفرقات لن يتذكرن حتى أن يتزاورن يوماً، مع العلم بأن والدي من خريجي كلية الدراسات الإسلامية وواحد من علماء الأزهر، وهل يحق للوالدين فعلاً أن يتخذا آراءهما بلا مشاورة لنا، برغم أن كل أفكارهما خاطئة وهذا واضح تماما لهما في زواج هذه الأخت الرابعة، والتي لم نقبل بمثل هذه الزيجة، ولكن لا أدري أهو تكابر منهما أنهما على صواب دائماً لا يريدان الاعتراف بأخطائهما، وها هما يكرران نفس الخطأ بزيجة الأخت الصغرى دون رضانا لنفس السبب، مصاريف الجامعة سيرتاحون منها، مع العلم بأن حالتهم المالية ليست بالسيئة لهذه الدرجة فجميعنا يعمل في مجالات محترمة وكبيرة، وليس هناك سوى هذه الأخت الصغرى التي في الجامعة؟ ... ]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الآباء أن يعدلوا بين أبنائهم، فلا يظهروا لبعضهم الحب والمودة وللبعض الآخر البغض والكراهية، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى {النحل:٩٠} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم. متفق عليه.

وقولك إن الشخص الذي تزوج أختك أراد أن يتزوجها لمدة شهرين اثنين فقط، فإن كان اشترط ذلك، فإن نكاحه يعتبر باطلاً لأنه نكاح متعة، وإن لم يكن اشترطه فهو صحيح، وراجعي في أحوال الزواج بنية المفارقة فتوانا رقم: ٢٦١٢٨.

ومشاورة الآباء لأبنائهم الرشداء وبناتهم الرشيدات مستحبة، لأنها أدعى إلى الألفة والمحبة بين أفراد الأسرة، ولأنها أيضاً أولى بالإصابة فيما يتخذ من القرارات، ولكنها مع ذلك ليست واجبة إلا في حق من أرادوا تزويجها، فإنهم لا يحق لهم أن يزوجوها ممن لا ترغب في الزواج منه، روى مسلم وغيره من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها.

وكيفية التعامل مع هذين الأبوين هي ببرهما والإحسان إليهما والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة والسعي في تلبية مطالبهما المشروعة، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:٢٣-٢٤} .

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٩ رجب ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>