للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل يحاسب الشخص على الأمور التي لا تلزم كل أحد بعينه]

[السُّؤَالُ]

ـ[من الحقوق التي بين المسلمين مثل (تشميته إذا عطس، اتباع جنازته، رد السلام....) هل إذا قصر فيها المسلم تعتبر يوم القيامة في الحساب من حقوق العباد التي لا بد من أدائها، فهي في عنق المقصر ولا يعفى عنها إلا إذا سامح صاحب الحق؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر أن الحقوق المؤاخذ عليها يوم القيامة ولا يعفى عنها إلا إذا سامح صاحب الحق هي ما يترتب على الإخلال به ظلم أو أذى للغير، لأنها حقوق مبنية على المخاصمة والمشاحة كما بين العلماء.

وأما ما ذكرت من حقوق المسلم الواردة في الحديث المشار إليه فليست من هذا القبيل، بل الظاهر أنها مبنية على المسامحة بين العباد، كما أنها - في الجملة - عند جمهور العلماء ليست من الواجبات العينية، بل إما من الآداب والمستحبات، وإما من فروض الكفايات التي لا تلزم كل أحد بعينه.

والظلم للغير كالحال في حديث المفلس ونحوه، قَالَ الْحَافِظُ فِي الفتح في كلامه على حديث حق المسلم على أخيه: وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ فَرْض كِفَايَة إِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْض سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، وَرَجَّحَهُ أَبُو الْوَلِيد ابْن رَشِيد وَأَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ وَقَالَ بِهِ الْحَنَفِيَّة وَجُمْهُور الْحَنَابِلَة. وَذَهَبَ عَبْد الْوَهَّاب وَجَمَاعَة مِنْ الْمَالِكِيَّة إِلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبّ، وَيُجْزِئ الْوَاحِد عَنْ الْجَمَاعَة وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّة. اهـ

وفي شرح ابن بطال: اتباع الجنائز ودفنها والصلاة عليها من فروض الكفاية عند جمهور العلماء ... وأما نصر المظلوم ففرض على من يقدر عليه ويطاع أمره، وإبرار القسم ندب وحض إذا أقسم الرجل على أخيه في شىء لا مكروه فيه ولا يشق عليه فعليه أن يبرَّ قسمه، وذلك من مكارم الأخلاق، ورد السلام فرض على الكفاية عند مالك والشافعي. اهـ

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ رجب ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>