للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[شتم الوالد من كبائر الذنوب]

[السُّؤَالُ]

ـ[رجل قام بشتم والده ما حكم الإسلام في ذلك وهل توجد غرامة مالية رغم أن الرجل معترف بالذنب؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين وبرهما حيث قال تعالى: [وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا] (الأحقاف: ١٥) .

وقال تعالى: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا] (الإسراء: ٢٣-٢٤) .

وفي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على ميقاتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. وهذا لفظ البخاري.

وأما أذية الوالدين بالشتم مثلا ففاعلها على خطر عظيم نظرا لما يلي:

١ - كون ما ذكر من كبائر الذنوب، لقوله صلى الله عليه وسلم: من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله: وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.

٢ - كونه من العقوق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر. رواه النسائي وغيره، وصححه الشيخ الألباني.

وعلى من صدر منه الشتم المذكور أن يبادر بالتوبة الصادقة والإكثار من الاستغفار والطاعات، وأن يحسن إلى والده ويستسمح منه، فإذا صدق في توبته فإنها مقبولة إن شاء الله تعالى، لقوله تعالى: [وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ] (الشورى: ٢٥) .

وقال تعالى بعد ذكره لمن ارتكب بعض الكبائر كالزنى وقتل النفس بغير حق: [إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا] (الفرقان: ٧٠) . وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه.

وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وحسنه الشيخ الألباني.

ولا تلزم الشخص المذكور غرامة مالية، بل عليه الصدق في التوبة والإكثار من الاستغفار والإحسان إلى والده.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٠ ربيع الأول ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>