للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[البر بالوالدين واجب في شتى الأحوال]

[السُّؤَالُ]

ـ[والدي بخيل إلى درجة لا تتصور لا يشتري حتى ما يأكل, لا يؤدي زكاة ماله، علما بأنه يملك أضعاف أضعاف النصاب ويضعه في بنك ربوي لكي يزداد، عذره الوحيد هو أنه ليس له أجر تابث, علما بأنه حامل لكتاب الله, فيقرأ على القبور ثم يأخذ أجراً, ولديه كذلك أجراً من شركة التأمين, كان قد أصيب في إحدى الشركات فقد على إثرها بصره, فقد أصبح يحب من يعطيه المال ويبغض من يمنعه، مشكلتي أنا تكمن في أني لا زلت أدرس، أما هو فيريدني أن أعمل (لا أدري كيف أجد عملا) ، مما يترتب عليه أني أحاول ما أستطعت أن أتحاشى إكثار الكلام معه, وقد خدمته ما استطعت لكني أصبحت لا أصبر عليه, لأنه لا يحب من يقدم علينا من العائلة بدون مال, وأيضا يتسبب في أشياء تهين كرامتنا أمام الجيران والعائلة من لبسه ومعاملته، المشكلة الأكبر هي أن النزاعات مع والدتي تكاد لا تنقضي مما يضعني في موقف لا أحسد عليه, وأحس بأن الحل الوحيد هو أن أجد عملاً, للآن مشاكل أبي كلها تقريبا مادية أو أن حلها يتم بالمال, لا تقولوا لي تكلم معه, الكلام معه هو أن أعمل, ما يمكنني عمله؟ جزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فاعلم أخي الكريم أن سوء أخلاق الوالد وتقصيره في الحقوق الواجبة عليه سواء كانت لله تعالى أو كانت للمخلوقات، لا تسقط من حقه هو شيئاً، فالوالد مهما كانت حالته يجب بره والإحسان إليه، ويحرم عقوقه ولو كان كافراً، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: ٢٣-٢٤] .

وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى. رواه النسائي وأحمد والحاكم.

وأعلم أخي أن بر الوالدين من شيم النفوس الكريمة والخلال الجميلة، وبه تكفر السيئات، وتجاب الدعوات عند رب البريات، وبه تشرح الصدور وتطيب الحياة، ويبقى الذكر الحسن بعد الممات.

فحاول أن تجد لك مخرجاً سليماً ما دامت أنك لا تريد الكلام معه، والصبر عظيم فالزمه، وإذا وجدت عملاً حلالاً فلا بأس بذلك، وعليك ببر والدك وصلته والرفق به ونصحه وتوجيهه بالحكمة واللين، وسدد وقارب واستشر من تجده عارفاً بحالكم من الذين تثق فيهم، خاصة إذا كانوا أهل صلاح واستقامة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية لمعرفة بعض الأحكام الواردة في السؤال: ٥١٨، ١٤٧٥٦، ٢٨٦٠٦، ٣٥١٤١.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢١ ذو القعدة ١٤٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>