للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[طلب العلم بين الفرض العيني والفرض الكفائي]

[السُّؤَالُ]

ـ[هل التعلم مفروض على من يملك القدرة العقلية والذكاء في المجالات العلمية والأدبية معا؟ وهل مفهوم العلم في الإسلام يقتصر على العلوم الشرعية فقط؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعلم المفروض تعلمه على كل مسلم هو علم فروض الأعيان، كمعرفة الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته إجمالاً، ومعرفة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ووجوب اتباعه في كل ما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن شريعته ناسخة لغيرها، وتعلم الوضوء، والغسل، والصلاة ونحو ذلك مما هو مطلوب من كل فرد، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: ١١٢٨٠.

فهذا القدر المذكور مفروض على كل مسلم، وهو ـ كما ترى ـ لا يحتاج إلى قدرات عقلية خاصة.

وكذلك يفرض على من عنده مال يزكيه أن يتعلم كيف يزكيه، ومن أراد أن يحج أن يتعلم كيف يحج، وكذلك من استقل بشيء كالتجارة فرض عليه دون غيره تعلم أحكام البيع، لئلا يبيع الحرام، أو يتعامل بالربا، وهكذا.

وأما التبحر في تفاصيل العلم والخوض في دقائقه، فليس مفروضا على كل مسلم، بل هو من فروض الكفايات

فيجب على بعض المسلمين تعلمها لا على كل واحد منهم. وكذا علوم الطب، والاقتصاد، والهندسة ونحوها لا يجب تعلمها على كل مسلم، بل يكفي تعلم البعض لها. وكل ميسر لما خلق له، فهذا قد يفتح الله عليه في علم الدين، وهذا قد يفتح عليه في علم الطب، وهكذا ...

ومفهوم العلم في الإسلام واسع يشمل كل علم ينتفع به المسلم في نفسه أو ينفع به المسلمين ولو لم يكن من العلوم الدينية المحضة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم. وإن طالب العلم يستغفر له كل شيء، حتى الحيتان في البحر. صححه الألباني في صحيح الجامع.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة:.... وذكر منها علم ينتفع به.... الحديث وهو في صحيح مسلم.

فدل عموم هذين الحديثين وما جاء في معناهما على أن كل علم مباح يفيد الإنسان في نفسه أو يفيد المسلمين من ورائه، فهو مرغب في تعلمه، مأجور عليه إن شاء الله تعالى.

فالإسلام يحث على تعلم كل علم نافع دينيا كان أو دنيويا، ويعلي من قدر العلماء ويرفع من شأنهم، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: ١٠٥٤٦٣، ٩٩٦٩٦.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ جمادي الثانية ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>