للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الخلود في النار.. لماذا]

[السُّؤَالُ]

ـ[لدي عدة أسئلة ستبين لماذا كتبت في عنوان الرسالة أني قد أكون من الظانين بالله ظن السوء:

١- هل كل المسيحيين يدخلون جهنم خالدين فيها ولماذا؟

٢- هذه هي أخطر فكرة تراودني ألا وهي أنني أظن أن الحرق بالنار أي في جهنم حكم قاس جدا وأحن على داخليها، لذلك أقول أنني ربما من الظانين بالله ظن السوء، لأنني من جانب آخر أقول: هل أنا أعدل من الله؟ أستغفر الله.

وفي الأخير أتمنى من حضرتكم أن تجيبوني بكلام يغير مفاهيمي ويؤثر في، وأن تجيبوني جوابا بعد أن أقرأه إن شاء الله تكون لي منظومة فكرية جديدة حول كل من الجنة والنار وداخليها، رغم أنني لا أعرف هل أنا من أهل الجنة أم النار؟

وعذرا إذا كان سؤالي يتسم بالغرابة. وشكرا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سبقت لنا عدة فتاوى تدفع قراءتُها تلك الشبهات عن قلبك؛ ففي الفتويين: ٢٩٢٤، ٥٨٩٦١. بيان كُفر أهل الكتاب ومصيرهم في الآخرة، وفي الفتوى رقم: ٥٤٧١١. الأدلة على أن دين الإسلام هو الدين الحق.

وليكن في علمك أيها الأخ الكريم أنه لا يخلد في نار جهنم إلا من أبى أن يكون عبدًا للرحمن، واختار أن يكون عبدًا للشيطان. قال تعالى: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ. {المائدة:٧٢} . وقال أيضًا: إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء. {النساء:٤٨} .

وأن الله سبحانه وتعالى قد فطر الناس على التوحيد، فطرة الله التي فطر الناس عليها، وأنه سبحانه قد أخذ عليهم الميثاق قبل أن يولدوا أن لا يعبدوا غيره. قال صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة.

وقال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. {الأعراف:١٧٢} .

ثم كان من تمام رحمة الله تعالى وجميل إحسانه إلى خلقه أن أرسل إليهم رُسله ليردُّوا ضالهم إليه، ويبشروهم بما أَعدَّ للمطيع، ويحذروهم مما أعد للعاصي، وأيد الله تعالى أولئك الرسل بالحجج القاطعة، والبراهين الظاهرة، والمعجزات الباهرة، الدالة على صدقهم فيما يخبرون عن ربهم، وما من أمة إلا خلا فيها نذير. قال تعالى: رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا. {النساء:١٦٥} .

وانظر الفتويين: ٣٨٨١٩، ٣٩٨٧٠.

فلا يهلك على الله ـ إذن ـ إلا هالك اختار أن يتنكب طريق الحق والهداية، وهؤلاء المارقون ينبغي أن لا تذهب نفسُك عليهم حسرات، وانظر الفتوى رقم: ٦٥٨٦٤.

وإننا نهيب بك أيها الأخ الكريم أن تتعرف على ربك ومولاك أكثر من خلال تدبر آثار رحمته بخلقه وإحسانه إليهم ولطفه بهم، ومن خلال التأمل في معاني أسمائه الحسنى وصفاته العلى، والتي منها العدل والحكمة والرحمة، وأكثر هذه المسائل تطرحها كتب العقيدة التي تربط قلوب الناس بربهم، وتؤكد على افتقارهم إليه واستغنائه عنهم، ونرشح لك كتاب: العقيدة في الله للشيخ الدكتور عمر سليمان الأشقر، وهو من مطبوعات دار النفائس بالأردن.

وهذه القراءة لا تغني أبدًا عن صحبة أهل العلم الذين يوضحون لك المشكلات. كما نوصيك بالالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه سبحانه أن يرزقك اليقين والعلم النافع والعمل الصالح.

والله أعلم

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٧ ربيع الثاني ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>