للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[كتابة المقادير والصبر على المرض]

[السُّؤَالُ]

ـ[آنسة وعمري ٥٠ عاما لم أرتبط حتى الآن وكانت عندي بعض الأفكار والإنسان الذي أقول عليه نعم يقول لا والعكس لو قال نعم أقول لا فهل الارتباط مكتوب عند الله سبحانه وتعالى قبل أن نولد أم ماذا؟ ولقد أصيبت بسرطان منذ ٢ عام فهل هذا لأنني لم أكن أراعي ضوابط الله وكما قالوا لي إنني كنت أبالغ في الاختيار فهل هذا دليل لعدم الرضى عني من الله عز وجل، أرجو الرد جزاكم الله كل خير والحمد لله، الآن أحاول المواظبة على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وجزاكم الله كل خير.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من أركان الإيمان بالقدر، الإيمان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء، فكل مقادير الخلائق مكتوبة قبل أن يخلق الله الخلق، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. رواه مسلم في صحيحه.

وهذا الاعتقاد يملأ القلب طمأنينة وثقة بالله، ويدفع إلى بذل الجهد في الأسباب المشروعة مع التوكل التام على الله.

كما أن الإيمان بالقدر يمنع المسلم من الحسرة والجزع على ما فاته من النتائج، لكنه يعود إلى نفسه لينظر فيما فرّط فيه من أسباب وما أخطأ فيه من أفعال، فيصحح أخطاءه، ويجتهد فيما يقدر عليه من الأسباب، وهو يعلم أن الله يقبل التوبة ويعفو عن السيئات.

أما عن مرضك، نسأل الله لك الشفاء والعافية، فليس ذلك دليلاً على عدم رضا الله عنك، فما يصيب الإنسان في الدنيا من صحة أو مرض أو غنى أو فقر أو خير أو شر، كل ذلك ابتلاء من الله، ليس فيه دليل على رضاه أو غضبه، وإنما العبرة بما يقابل العبد به هذه البلاءات من رضا أو سخط.

وعلى ذلك فقد يكون ما أصابك من المرض دليل على رضا الله، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الجامع.

فما دمت راضية بقضاء الله غير مسخطة، مستقيمة على طاعته، فهذا من دلائل رضا الله عز وجل، ونوصيك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله، مع الأخذ بالأسباب، لعل الله يعافيك من هذا المرض.

ونذكرك بأن أجر الصبر عظيم، وأمر الدنيا يسير، وأن الله تعالى أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا ومن كل من سواه، وأنه قريب مجيب.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٠ شوال ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>