للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[من كان صادقا في توبته فإن الله يقبل منه]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا امرأة متزوجة وعلى خلق والكل يصفني بذلك وملتزمة، لكن في مجال الشغل تعرفت على شاب وكان يريد الارتباط بي ولم يكن يعلم أننى متزوجة، ولما سأل عني في المدرسة عرف أننى متزوجة، وبعد ذلك صارحني بحبه وبدأت في الكلام معه وذكرت له أننى أحبه ـ لكنى في الحقيقة لا ـ ولكن هو تعود على الكلام معي ـ سواء على التليفون المحمول أو على النت ـ وتطورت العلاقة وبدأت أقابله في الخارج في ـ كوفي شوب ـ وبدأ يلمسني ويقبلنى وكنت أرفض في الأول ولكن بعد ذلك تجاوبت معه وتقابلنا أكثر من مرة ووقعت في الزنا معه، وفى كل مرة كنت أندم أشد الندم وكنت أتحدث معه عن ذلك، وهو على استعداد تام أن يحدث الطلاق بيني وبين زوجي حتى يستطيع أن يتزوجني، مع العلم أن لدي طفلين فقط، وصدقني لو قلت لك إننى فعلا نادمة أشد الندم في هذاالوقت، وفى حالة لا تتخيلها من الغضب لما حدث لي، لأننى ملتزمة ويحصل هذا لي، ولا أتخيل نفسي وقعت في الكبائر ـ حتى إنني دائما كنت أنصح الناس، وحينما يحتاج أي شخص إلى نصيحة يطلبها مني ـ وزوجي يثق في ثقة لا حدود لها، وبصدق لا أتخيل نفسي فعلت هذه المعصية، وأريد أن أتوب توبة نصوحا إلي الله، فأرجو إفادتي، ماذا أفعل لكي يتقبل الله توبتي؟ وهل فعلا يتقبلها الله؟ لأنني أريد أن أطمئن وأرجع ثانية لقربى من الله، وترجع لي ثانية الثقة في نفسي، لأننى خائفة جدا من عذاب ربنا، وأرجو أن يسامحني على الزنا، وللعلم إنني طول حياتي ملتزمة، فلا أصدق أنني وقعت في الزنا، ولا أتخيل نفسي هي التي وقعت في الزنا ـ حتى إنني في حياتي تنازلت عن أشياء لأرضي ربي، فمثلا: كنت ألبس السروال ورفضت ارتداءه، وكنت أنزل للبحر وأحب نزوله جدا ولمجرد إحساسي أن اللبس من الممكن أن يكون ملفتا أثناء خروجي من البحر للتصاقه بالجسم قررت عدم نزول البحر نهائيا، ومنعت قدرما أستطيع نفسي من مشاهدة التلفزيون ما عدا القنوات الدينية، وأصوم الإثنين والخميس وأصلي الفرض والسنة وأحفظ القرآن وأتعلم التجويد، وأريد أيضا وأحاول أن أتكلم مع هذا الشاب وتذكيره بالله وأحاول أن يتوب هو أيضا إلى الله، أرجو الإفادة سريعا، وخصوصا اليوم قبل رمضان، وهل ربنا يتقبل توبتي فعلا ويبدل سيئاتى حسنات؟ وماذا أفعل لكي أكفر عن ذنبي؟ وما هي كفارة الزنا؟ أرجو الإفادة سريعا، لأنني في نار ونادمة أشد الندم لما وقعت فيه، ولماذا حدث هذا لي وأنا أحب ربنا وأحاول طوال حياتي أن أكون قريبة منه؟ أرجو الرد سريعا، ولكم جزيل الشكر، وآسفة على الإطالة.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله سبحانه أن يتوب عليك وأن يغفر لك ما كان منك من هذه الذنوب العظيمة التي انتهكت بها حرمات الله وضيعت أمانته وخنت زوجك وأذنت لهذا الفاجر أن يعبث بعرضك ويدنسه, وهذا من تلاعب الشيطان بك بسبب اتباعك لخطواته، فإنك ما كنت لتصلي لهذه الفاحشة إلا بعد تهاون كبير ومرحلة طويلة من التنازلات التي بدأت بالعمل في الأماكن المختلطة، والعمل فيها غير جائز، كما بيناه في الفتوى رقم: ٥٢٢.

ثم بالتعرف على هذا الشاب، والتعارف بين المرأة والرجال الأجانب محرم وعواقبه وخيمة, ثم بالانبساط في العلاقة معه ومقابلته حتى وقع المحظور، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ولكن مع هذا كله فباب التوبة مفتوح ورحمة الله واسعة ومن تاب إلى الله وصدق في توبته فإنه الله يقبل منه ويغفر له ويبدل سيئاته حسنات, فعليك بالتوبة إلى الله سبحانه، ولا تتحقق التوبة إلا بقطع كل علاقة لك بهذا الإنسان الأثيم، فلا تحدثيه ولا تقابليه ولا تردي على هواتفه مهما حدث، واحذري أن يستزلك الشيطان تحت غطاء دعوة هذا الفاجر إلى التوبة ليعيدك إلى حبائله مرة أخرى, ثم عليك بالصدق في التوبة وسد الأبواب الموصلة إلى الفتن، فعليك أن تتركي العمل في الأماكن المختلطة, ثم تحتاطي في محادثة الرجال، فلا تحادثيهم إلا عند الضرورة أو الحاجة وبالضوابط الشرعية, ثم الزمي الندم على ما كان منك وأكثري من الاستغفار والأعمال الصالحة المكفرة, من صلاة وصيام وصدقة، فإن الله يكفر بها السيئات ويمحو بها الخطيئات، قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:١١٤} .

ثم عليك بكتمان ما حدث عن جميع الناس ـ وخصوصا زوجك ـ فلا تعلمي بذلك أحدا أبدا, نسأل الله سبحانه أن يثبت أقدامك على طريق التوبة وأن يذهب عنك رجس الشيطان.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ رمضان ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>