للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مشاعر الحب والكره إذا كتمها المرء في نفسه]

[السُّؤَالُ]

ـ[فضيلة الشيخ..

هل يحاسب الإنسان على مالا يظهره؟ بمعنى إن كنت أحب شخصا ما -حبا شديدا- (صديقتي مثلا) فهل أحاسب على ذلك رغم أني لم أظهر من هذا الحب شيئا سوى الاهتمام بهذه الصديقة بالحد المعقول، كالسؤال عن ما يضايقها ومساعدتها والدعاء لها بظهر الغيب بالحفظ والسلامة؟ وكذلك إن كرهت شخصا ما؟ أي أنني لم أظهر هذا الكره ولكن أكننته في قلبي.

جزاكم الله خيرا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ندري هل السائل رجل أم امرأة، فإن كان السائل رجلا فنقول: فالإنسان لا يحاسب على خواطره المجردة؛ لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم. وراجع أيضا الفتوى رقم: ٧٤٤١٣.

إلا أننا ننبه السائل إلى أن إقامة علاقة مع امرأة أجنبية لا تجوز إلا تحت ظل الزوجية، سواء كان ذلك على سبيل الصداقة أو غيرها، وفعل ذلك يعتبر تعديا لحدود الله. وانظر الفتوى رقم: ١٠٨٢٢٠.

كما أن الكلام مع المرأة الأجنبية لا يجوز إلا بشروط ذكرناها في الفتوى رقم: ١٢٥٦٢، فراجعها للأهمية. وراجع أيضا الفتاوى أرقام: ٧٣٣٨٣، ٢١٥٨٢، ١١٧٢٦٣. ونوصي السائل بأن يشغل نفسه بطاعة الله عز وجل، والإكثار من ذكره.

وأما إن كان السائل امرأة فنقول: إن كنت تحبين صديقتك في الله تعالى لما ترينه عليها من صدق في إيمانها وإحسان في عبادتها لربها فأنت مأجورة على ذلك إن شاء الله، وإن لم تصرحي لها بذلك، لكن لو أخبرتها لكان حسنا.

ومن علامات هذه المحبة أنها تزيد إن زادت طاعة الشخص وعبادته.. وتنقص إذا حصلت منه مخالفة أو تفريط وتقصير في جنب الله تعالى، أما إن كنت تحبينها لمجرد المشاكلة في الطباع والموافقة في الهوى والرأي فهذه ليست المحبة التي وردت فيها النصوص في فضلها.

وأما إن كانت محبتك لها تعلقا وعشقا، فهذه محبة ضارة وهي من مصائد الشيطان التي يصيد بها بني آدم، فلا يبقى في قلب العبد حظ لربه جل وتعالى، فعليك الاجتهاد في التخلص منها، والحذر من الاسترسال معها، وعمري قلبك بحب الله جل وعلا وقولي: اللهم ارزقني حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك.

وما دمت تجاهدين نفسك ولم تعملي بمقتضى ذلك العشق، فلست آثمة إن شاء الله. وراجعي للأهمية الفتاوى أرقام: ٨٤٢٤، ١٠٦٢٢٧، ٩٣٦٠.

وأما بالنسبة لمسألة الكراهية فنقول للسائل أو السائلة: كراهيتك لشخص ما لا تأثم بمجردها؛ لما سبق بيانه من العفو عن حديث النفس، وذلك ما لم تتجاوز ذلك إلى فعل ما يقتضيه ذلك في الظاهر، كالهجر لغير غرض شرعي وكالقطيعة وغير ذلك، وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.

فإن كانت هذه الكراهية لأمر غير شرعي فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. واعلم أن الشيطان هو السبب في تلك الكراهية. وتذكر أخي السائل قوله تعالى: إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات:١٠} . وانظر الفتوى أرقام: ١٠٢٧٣٠، ١٦٤٢، ٤٨٩٣١.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٠ جمادي الثانية ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>