للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدعاء على الظالم والصبر على ظلمه والعفو عنه]

[السُّؤَالُ]

ـ[أود شكركم على المجهودات المبذولة لخدمة الإسلام والمسلمين، جزاكم الله كل خير، أما عن سؤالي فهو التالي. لحق بي أذى من أناس كنت أحسن إليهم وأكرمهم، وآثرتهم على نفسي في كثير من الأحيان، وكل ما أساؤوا لي أو لعائلتي كنت أغفر وألتمس لهم الأعذار، بعد مرور سنوات عديدة أستيقظ على حقيقة أكبر مما كنت أتصورها، أذاهم تعدوا حدود المعقول، أو بالأحرى لم أستطع تصديق ما حصل مع من أحسنت إليهم سحروني وأي سحر، افتضح أمرهم بعد كل هاته السنين، المهم الحقيقة لا أنوي أن أغفر لهم وفي كل مرة أردد حسبي الله ونعم الوكيل، أحيانا أدعوا عليهم، فهل بهذا (الدعاء) يعد عدم صبر على أمر الله، وهل بعدم الغفران لهم (لم يطلبوا ذلك رغم اعترافهم) ، ينقص من أجر الصبر عل المصيبة، هناك من نصحني بعد الدعاء عليهم، ولكننني أفعل ذلك من باب أنهم أعداء الله (مشعوذون) ، وجزاكم الله كل الخير ووفقكم إلى ما فيه الخير في الدنيا والآخرة؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الدعاء على الظالم لا حرج فيه، فقد دعا نوح وموسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم على الكفار، وقد دعا سعد وسعيد رضي الله عنهما على من ظلمهما كما في الصحيح، والظاهر والله أعلم أنه لا يستوي في الأجر من عفا وصبر وكظم وغفر مع من لم يعف ودعا على الظالم.

لأن الدعاء على الظالم يعتبر من الاقتصاص المباح، ولا شك أن الصبر والعفو عنه أفضل فقد قال تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:٤٠}

فأباح في الآية الأولى المجازاة للظالم المسيء بالمثل، ورغب في العفو والصبر بعد ذلك. ويروى عن الإمام أحمد أنه قال: الدعاء قصاص، فمن دعا فما صبر. كذا في مطالب أولي النهي للشيخ مصطفى الرحبياني. وقد ذكر بعض أهل العلم أن الأفضل عدم الدعاء على الظالم إن لم يكن ظلمه عاما، وأما إذا عم ظلمه فالأفضل الدعاء عليه ليكف الله بأسه عن الأمة.

ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٥٤٤٠٨، ٢٠٣٢٢، ١١٨٢٨٣، ١١٩٢٧١.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٨ جمادي الأولى ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>