للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تكرار التوبة وعدم الاغترار بحلم الله تعالى]

[السُّؤَالُ]

ـ[حججت بيت الله الحرام مع خالص النية، ولكن بعد الرجوع وقعت بنظرات على مواقع الإنترنت السيئة، وأتوب ثم أقع ثانية، ثم أجد نفسي مظلمة بعدها، أين أنا من طريق الله؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكر العلماء من علامات صحة التوبة أن يكون العبد بعدها خيراً منه قبلها، وإنه لمن المحزن أن تقع في تلك المعاصي بعد حج بيت الله عز وجل، ومع ذلك نقول: طالما أنك تتوب بعد الذنب فأنت على الطريق إن شاء الله، ولكن احذر أن تركن إلى ذلك وتستمر بالمعصية حتى تصبح إلفا وعادة، وتزول وحشتها من قلبك ويحال بينك وبين التوبة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ. {الأنفال:٢٤} ، فإنك لا تستطيع أن تتوب إلا بإذن الله جل وعلا، فهو المتفضل عليك أولاً بتوفيقك لها، ثم هو المتفضل عليك آخراً بقبولها منك.

قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: وتوبة العبد إلى ربه محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها، وتوبة منه بعدها، فتوبته بين توبتين من الله، سابقة ولاحقة، فإنه تاب عليه أولاً: إذنا وتوفيقاً وإلهاما، فتاب العبد فتاب الله عليه ثانياً: قبولا وإثابة. مدارج السالكين.

فإذا وفقك الله إلى توبة صادقة، فاشكره عليها ولا تغتر بحلمه.

وعليك يا أخي بالاستمرار في مجاهدة نفسك ولا تيأس، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ. {العنكبوت:٦٩} ، وقف على بابه وانطرح بين يديه، وأكثر من التضرع والابتهال إليه فإن الله تعالى حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين، واقترب منه وواصل السير إليه، فإن الله سبحانه قد قال في الحديث القدسي: إذا تقرب العبد إلى شبرا تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة. متفق عليه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٨ جمادي الأولى ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>