للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بعد الزوجة لا يسوغ الاستجابة لنداء الشهوة]

[السُّؤَالُ]

ـ[يا شيخ أنا شاب عندي ٢٦ سنة متزوج منذ سنة وزوجتي ليست معي بالدوحة والشيطان قد يسيطر علي في كل شيء فيخيل وقوفي إلي جانب امرأة والمكان يسمح لي بأن آتيها فأفعل وأقع في المعصية وبعدها أتوب إلى الله وأعزم على أن لا أفعل ذلك مره أخرى، ولكن يأتيني الشيطان ويسيطر علي مرة أخرى وهكذا وهكذا إلى أن فقدت الإحساس من قلبي بل مات قلبي، مع العلم أني أحب زوجتي فوق الوصف وأحترمها جدا ولكن الأشياء التي تحصل مني دمرت حياتي وتجعلني أبكي من شدة الألم والإحساس بالذنب ولكني غير قادر على السيطرة على هذه الأشياء ويراودني إحساس أني غير مسيطر على نفسي في أفعالي مع أنني أصلي ولا أترك فرضا وأحاول أتقرب إلى الله بفعل الخير والصدقة فأجيبوني؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسؤالك غامض غير واضح والذي فهمناه منه هو أن الشيطان يستهويك حتى يوقعك في معصيةٍ ما تخص النساء, وأنك ترجع سبب هذا إلى كون زوجتك بعيدة عنك, وهذا – بلا شك - ليس عذرا لك ولا لغيرك في معصية الله وانتهاك حرماته, فإن كانت زوجتك بعيدة عنك وخفت على نفسك الفتنة والوقوع في الحرام فيمكنك أن تستقدمها بحيث تكون معك, فإن لم يمكنك ذلك فسافر أنت إليها ولا تقم في مكان تعصي فيه الله حتى لو ترتب على ذلك خسارة دنيوية, فإن كل خسارة في الدنيا يسيرة هينة إذا ما قورنت بخسارة الدين, فإن لم تتمكن لا من هذا ولا ذاك فقد دلّك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على دواء ناجع لإخماد ثوران الشهوة وتهذيب حدتها وذلك في حديثه الشريف: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.

قال النووي: والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المني كما يفعله الوجاء. انتهى.

وجاء في فتح الباري: لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوته وتضعف بضعفه. انتهى.

ثم عليك بمجاهدة نفسك وشيطانك في جنب الله واستعن على ذلك بكثرة ذكر الله والصلاة, قال سبحانه: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:٤٥} .

جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر، قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.

وجاء في الحديث: أن يح يى بن زكريا قال لبني اسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.

ويلزمك مع كل هذا أن تتوب إلى الله جل وعلا توبة صادقة مما كان منك فيما مضى مع العزم الأكيد على عدم العودة مرة أخرى, والإكثار من الأعمال الصالحة من صلاة وصيام وصدقة فإن الله يكفر بها السيئات ويمحو بها الخطيئات قال سبحانه: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:١١٤} .

وراجع في الفتوى رقم: ١٢٩٢٨ , وسائل الإفلات من حبائل الشيطان, وفي الفتوى رقم: ٥٤٥٠ , شروط التوبة الصادقة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢١ جمادي الأولى ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>