للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الاستعانة بالله والتوبة صيانة من آثار الذنوب]

[السُّؤَالُ]

ـ[أريد الانتحار خوفا من الزنا حيث أني خطبت مرتين، وفي كل مرة أعمل الزنا مع خطيبي لأني لا أريد الحياة، لأن كل شيء فيها يوقعني في المعصية؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أولاً أن تتوبي إلى الله تعالى توبة نصوحاً من الزنا، والتوبة النصوح تقتضي ترك الذنب، والعزم على عدم العودة إليه، والندم على ما وقع سابقاً، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: ٥٤٥٠.

ورحمة الله واسعة ولا يعظم على مغفرته ذنب فهو القائل سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:٥٣} ، وراجعي الفتوى رقم: ٨٠٦٦٦.

وصيانة نفسك من العودة لهذا الذنب أمر يسير وذلك بأن تستعيني بالله أولاً، وتكثري من مثل هذا الدعاء الذي رواه مسلم عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم إني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. وكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن. رواه أبو داود.

ثم عليك بالحذر من الخلوة بالأجنبي، أو الحديث إليه لغير حاجة ونحو ذلك مما قد يقود إلى الوقوع في الزنا، علماً بأن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد له عليها، ومن هنا فإن من الحلول أيضاً أن تشترطي على من يريد الإقدام على الزواج منك أن يتم العقد مباشرة من غير أن تكون هنالك فترة خطوبة، وبذلك تحلين له كزوجة بعد العقد. والحاصل أن الحلول متيسرة.

وأما الانتحار فلا يقدم عليه عاقل تحت أي ظرف، ونحسب أن عندك من الدين وكمال العقل ما يحول بينك وبين فعل هذه الجريمة النكراء والفعلة الشنعاء، والتي هي داء وليست بدواء ينتقل بها المرء إلى الشقاء الحقيقي، فانظري ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق المنتحر حيث قال: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. متفق عليه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٣ ربيع الثاني ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>