للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المعاصي تمحق بركة الدين والدنيا]

[السُّؤَالُ]

ـ[السؤال عن عدم البركة في الأموال والأولاد والزوج، حيث إن الزوج يتعامل مع بنوك ربا، وهو مقتنع بأنه حلال رغم أنه متدين وحج بيت الله، وأيضا عند شراء أي شىء في البيت تكون غير سليمة، مثلا شراء ثلاجة جديدة أو أثاث حتى الأولاد يكونون في عدم طاعة، وأنا نصحت زوجي كثيرا بالتخلي عن الربا، ولكنه أتى لي بأدلة تحلل البنوك الربوية من الشيخ مفتى الجمهورية، وأنا أريد حلا لهذه المشكلة، فأنا أعيش في كرب؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن قلة البركة في المال والولد وسائر أمور الحياة سببها المعاصي والذنوب، كما أن تقوى الله وطاعته سبب لحلول الخير وفتح بركات السماء والأرض، قال سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {الأعراف: ٩٦}

يقول ابن القيم رحمه الله وهو يعدد بعض عقوبات الذنوب والمعاصي: ومن عقوباتها أنها تمحق بركة العمر وبركة الرزق وبركة العلم وبركة العمل وبركة الطاعة، وبالجملة أنها تمحق بركة الدين والدنيا فلا تجد أقل بركة في عمره ودينه ودنياه ممن عصى الله، وما محقت البركة من الأرض إلا بمعاصي الخلق. انتهى

كما أن ذنوب الوالدين لها تأثير كبير في فساد الأولاد وعقوقهم وقلة طاعتهم، وهذا لا يستغرب، فإن من عصى الله ولم يوقر أوامره، كيف ينتظر من غيره أن يطيعه ويوقره، يقول ابن الحاج رحمه الله في كتابه المدخل وهو يتحدث عن المعاصي التي يقع فيها الزوجان وما ينتج عنها من الآثار السيئة: لا جرم أن التوفيق بينهما قل أن يقع وإن دامت الألفة بينهما فعلى دخن، وإن قدر بينهما مولود فالغالب عليه إن نشأ العقوق وارتكاب ما لا ينبغي، كل ذلك بسبب ترك مراعاة ما يجب من حق الله تعالى منهما معا. انتهى.

أما بخصوص فوائد البنوك فهذه لا شك أنها من الربا المحرم، ولا عبرة بمن خالف في هذا، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتاوى رقم: ١٥١٣ , ١٣٥٣٣ , ١٩٥٤.

فالواجب على زوجك المبادرة بالتوبة إلى الله من هذه المعاملات المحرمة، وأن يسحب أمواله كلها من هذه البنوك، فيمسك رأس ماله، وينفق الفوائد في أوجه الخير بنية التخلص منها، فإنها لا تحل له بحال، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: ٣٠٩٨.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٨ ربيع الثاني ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>