للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[توبة من أقدم على الانتحار]

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم توبة المنتحر إذا كانت بعد تناوله للسم مثلاً وقبل وفاته, هل تكون مقبولة؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتوبة من أشرف على الموت ويئس من الحياة قطعا لا تقبل، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: ٧٤٨٦٨.

وجاء في الموسوعة الفقهية: إذا أخر المذنب التوبة إلى آخر حياته، فإن ظل آملا في الحياة غير يائس بحيث لا يعلم قطعا أن الموت يدركه لا محالة فتوبته مقبولة عند جمهور الفقهاء ...

وإن قطع الأمل من الحياة وكان في حالة اليأس -مشاهدة دلائل الموت- فاختلفوا فيه، فقال المالكية، وهو قول بعض الحنفية، ووجه عند الحنابلة، ورأي عند الشافعية، ونسب إلى مذهب الأشاعرة: إنه لا تقبل توبة اليائس الذي يشاهد دلائل الموت، بدليل قوله تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآَنَ {النساء:١٨} ... ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله يقبل التوبة ما لم يغرغر. وهذا يدل على أنه يشترط لصحة التوبة صدورها قبل الغرغرة، وهي حالة اليأس وبلوغ الروح الحلقوم، وقد سبق بيان المقصود بالغرغرة في الفتوى رقم: ٣٦٢٤١.

وعليه، فمن تناول سما وأيقن بالموت فلا تقبل توبته إن تاب في هذه الحال، بخلاف من أدركوه وأسعفوه فأمَّل الحياة ولم يتيقن الموت وتاب، فهذا إن حقق شروط التوبة التي سلف ذكرها في الفتوى رقم: ٢٩٧٨٥، قبلت توبته.

ونود التنبيه على أن المنتحر رغم اقترافه هذه الكبيرة الشنيعة، فإنه ليس بكافر، بل يموت موحدا وتجرى عليه أحكام المسلمين، فيصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ويشرع الدعاء له والاستغفار، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: ١٢٦٥٨، ٥٦٧١.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٧ ذو القعدة ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>