للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الرحمة في أطواء البلاء]

[السُّؤَالُ]

ـ[حكم وفاة ٣ إخوة وأخت بحوادث مفجعة بفترة قصيرة والكل في مقتبل العمر أنا في حيرة كبيرة صحيح الأمر لله تعالى لا ريب فيه ولكن خلقت أعجوبة كبيرة لدى الناس؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإنسان لا يستطيع الإحاطة بحكمة الله في قضائه وقدره، ولذلك قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:٢١٦}

وقد خلق الله تعالى الإنسان ليمتحنه ويختبره؛ كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً {هود:٧}

وقال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {الملك:٢}

وهذا الامتحان يكون بالأحكام الشرعية كالأوامر والنواهي، ويكون كذلك بالأحكام القدرية سواء ما نكره منها كالمصائب والشدائد أو ما نحب كالأموال والأولاد. كما قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:٣٥}

وعلى المؤمن أن يصبر ويرضى بأمر الله تعالى، وأن يبصر الرحمة من خلال البلاء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وحسنه الألباني.

وقد سبق ذكر بعض البشارات لأهل البلاء والمصائب في الفتوى رقم: ١٨١٠٣، والفتوى رقم: ٥٢٤٩.

ثم لا بد من العلم أن المصائب قد تكون عقوبة على بعض الذنوب والمعاصي؛ كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:٣٠} فلا شك أن الذنوب من الأسباب المباشرة لنزول المصائب، وقد سبق بيان في الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٣٦٨٤٢، ٥١٣٩٤، ٤٩٢٢٨.

وقد تحصل المصائب بسبب ظلم بني آدم وبغي بعضهم على بعض، ومن ذلك أن الموت قد يكون بسبب العين والحسد، وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: ١٩٤٧٥، ٣٠٨٥١، ١٦٧٥٥، ١٧٥٨٧.

وعلى أية حال فالأمر إذا حلت المصائب سواء أكانت بأسباب بشرية كالحسد والعين ونحو ذلك، أو كانت دون هذه الأسباب فلا بد من الصبر وعدم الجزع والتشكي، ولا مانع من التفكر في أسباب حصول ذلك للاستفادة في المستقبل، وقد سبق بيان سبل استجلاب قوة الإيمان لمواجهة المصائب في الفتوى رقم: ٣٩١٥١.

وبيان الفرق بين الابتلاء والمصيبة في الفتويين: ٢٧٥٨٥، ٥٧٢٥٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٠ ذو القعدة ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>