للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الصبر خير ما يتسلى به المرء عند المصيبة]

[السُّؤَالُ]

ـ[نحن من العراق تعرضت أنا وزوجي وابن أخيه وهو طفل عمره ٥ سنوات عندما كنا ذاهبين بنية التسوق وشراء الملابس لزوجي وابن أخيه اليتيم لأن والده متوفى إثر حادث حرق علما أن زوجي يتيم الأم لأن والدته توفيت عند والدته ونحن من سكنة بغداد وفي يوم الخميس المصادف ٦-٣-٢٠٠٨ بعد المغرب وعند نزولنا من السيارة انفجرت في السوق عبوة ناسفة ثم بعدها انتحاري بحزام ناسف مما أدى إلى استشهاد وجرح المئات ومنهم أنا والطفل عبد الله وزوجي الذي فارق الحياة نتيجة أصابته الشديدة في رأسه وقد أجريت لي ٥ عمليات جراحية كبرى في بغداد وإلى حد الآن أعاني من إصابتي والآن في عمان بصحبة أهلي جئت لغرض العلاج والطفل إلى حد الآن هو مقعد لأن الضربة جاءت في ظهره قرب الحبل الشوكي في بداية الأمر لم يبلغني أحد بأن زوجي قد مات لأن حالتي كانت حرجة جدا وقالوا لي بأنه مصاب وهو في غيبوبة ولكني أتذكر عند حصول الانفجار أني قلت الشهادة وصحت الله أكبر وبعدها فقدت الوعي وانقطع اتصالي بالعالم الخارجي حتى استيقظت في اليوم الثاني علما أن الدكتورة التي أشرفت على متابعة حالتي كانت تقول أني كنت أقول وأنا تحت تأثير البنج ولسوف يعطيك ربك فترضى عذرا لأن أطلت عليكم ولكني أردت أن تكونوا معي بالصورة زوجي إنسان أحسبه ولا أزكيه على الله أنه طيب وحنون ويحترم الصغير قبل الكبير والكل يشهد له بذلك وقبل وفاته بستة أشهر التزم بالصلاة لأنه حلم ولم يخبرني بما حلم ولكنه التزم بعده بالصلاة بشكل كبير وأنا عندما أخبروني بأن زوجي مات والله احتسبت في الحال ولم أجزع وما كان قولي إلا إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها وحتى الآن أنا لا أستطيع القيام في الصلاة ولكني أصلي وأنا جالسة وقد صمت رمضان علما بأني قد أجريت لي عمليتان في بطني وتم قطع جزء من الأمعاء والقولون التي أصيبت بالشظايا ولكني صبرت وقاومت المرض والله لقد ابتلاني الله في أعز شيئين علي وهما زوجي الغالي وصحتي ولكني صبرت وقلت إذا كان حظي في الدنيا قليلا فسوف أصبر ليكون حظي في الآخرة كبيرا وهذا ظني بالله سؤالي هو هل يعتبر زوجي شهيدا وهل نيته بشراء ملابس للطفل اليتيم تعتبر حسن خاتمة وهل موته بعد المغرب من يوم الخميس ودفنه يوم الجمعة من علامات حسن الخاتمة وهل صبري وعدم جزعي على ما أصابني سوف آخذ الأجر عليه برحمة وعدل الله سبحانه أمنيتي الوحيدة أن يرزقني الله وأهلي ومن أحب حسن الخاتمة وأن يجمعني بزوجي بالجنة علما أن عمري وزوجي لم يتجاوز ال ٢٨ سنة والحمد لله على كل حال؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يرحم زوجك، وأن يغفر له، وأن يرزقه منازل الشهداء، ونسأله سبحانه أن يشفيك ويشفي الطفل عبد الله، وأن يرزقنا وإياك ويرزق جميع المسلمين حسن الخاتمة، وأن يجمعك وزوجك في الجنة.

ونوصيك بالصبر على هذا البلاء، فإن الصبر من خير ما يتسلى به المرء عند حلول المصائب، وبالصبر ينال المسلم كثيرا من خير الدنيا والآخرة، وراجعي في فضل الصبر الفتوى رقم: ٥٦٤٧٢.

وإن تذكرت فقدك زوجك فتسلي بفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى الطبراني عن عبد الرحمن بن سابط عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب عنده. وقد حسن الحافظ ابن حجر إسناده، وصححه الشيخ الألباني بمجموع طرقه.

ونرجو أن يكون زوجك قد مات على خير وبخاتمة حسنة، خاصة وقد ذكرت أنه كان في تلك اللحظة ساعيا في حاجة هذا اليتيم، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار، هذا بالإضافة إلى موته ليلة الجمعة، فقد روى الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٨ شوال ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>