للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المسلم لا يتنازل عن ثوابته لأجل متاع زائل]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا أعمل في مستشفى جامعي وأجتهد بجد بيد أنني أجد أن من لا يجتهد ولا يكترث بعمله وكذلك من ينافق الرؤساء يسبقوننا بكثير ويحصدون أموالا أكثر منا ونحن سيؤو الحظ ودائما ندخل أو ندخل في المشاكل وهم ناجحون في عيادتهم بل نحن لا نستطيع أن نستأذن لفتح عيادة. لما ينصرهم الله ويزيدهم مالا وفخرا ونحن نزداد بؤسا ولا نجد شيئا يفرحنا في الدنيا دائما مضطهدين ولا أتجنى. بل أحيانا أفكر أن أنافق حتى أحصل على حقوقي ولكن يا حسرة لا أعرف حتى أن أفعل.

هل لا بد أن ينصر الله عباده في الآخرة فقط ولا ينصرهم ويثبت قلوبهم في الدنيا. أنا تائه ونفسيتي تعبانة جدا. أفيدونا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمسلم منصور في الدنيا والآخرة بشهادة الكتاب العزيز، ولا يلزم من نصر المؤمن أن يعطى شيئا من حطام هذه الدنيا، بل قد يكون حرمانه من ذلك من توفيق الله له لما يعلم الله تعالى أن في إعطائها إياه مضرة له، قال أبو حازم: نعمة الله فيما زوى عني من الدنيا أعظم من نعمته علي فيما أعطاني منها، لإني رأيته أعطاها قوما فهلكوا. ولا يلزم من إعطاء الكافر أو المنافق أو الفاجر شيئا من حطام الدنيا أن يكون فيه شيء من التوفيق له، بل قد يكون الأمر عكس ذلك. وراجع الفتويين: ٧٧٠٨٢، ٥٦٢٠٢.

ثم إن من أعظم النصر والتأييد أن يوفق المسلم على الثبات على مبادئ دينه فلا يتنازل عنها لأجل متاع زائل، وما يحدث من المسلم من إخلاص وإتقان لعمله سيجد عاقبته الحسنى بإذن الله تعالى، سواء في الدنيا أم في الآخرة، ثم أن الأمر أهون من أن يحمل المسلم لأجله هماً فيهلك به نفسه ويحزنها فنوصيك أن تهون على نفسك، وأن تبذل من الأسباب المشروعة ما تحصل به حقك، وكن متيقا أنه ما قدره الله لك سيصلك، وما لم يكن الله قد قدره لك فلن تبلغه، وإن سلكت إليه كل سبيل. وانظر الفتوى رقم: ٩٥٦٢٥.

واعلم أنه لا يلزم لتحصيل المسلم حقه أن ينافق ونحو ذلك، فهنالك المداراة بأن يستعمل المرء اللين في القول والأسلوب الحسن من غير أن يقع في شيء من الكذب ونحو ذلك، فهذا سبيل مشروع. ولمزيد الفائدة بهذا الخصوص راجع الفتوى رقم: ٣٣١٢٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٥ شعبان ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>