للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[قبول هدية عيد الميلاد ممن يعلم عدم مشروعيته هل يعد نفاقا]

[السُّؤَالُ]

ـ[أهدى إلي خطيبي هدية بمناسبة عيد ميلادي فقبلتها وأنا أعلم أن ذلك حرام ولا أستطيع أنا أقول له ذلك

هل أعتبر منافقة لأني أعلم الكثير من أمور ديني ولكن لا أطبقها، بماذا تنصحونني؟]ـ

[الفَتْوَى]

خلاصة الفتوى:

انتهاك الحرمة يكون الإثم فيه أكبر، ولكن ذلك لا يكون به المرء منافقا.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

قبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن أعياد الميلاد لا أصل لها في ديننا، ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: ١٣١٩. كما نحيلك إلى الفتوى رقم: ٣٣٩٦٨، المتضمنة لحكم تقديم الهدية بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد.

ومما ذكر في الفتويين يتبين لك أنك قد أخطأت في هذا الفعل، وخصوصا أنك ذكرت أنك عالمة بكونه محرما.

وأما اعتبارك منافقة بهذا الفعل فذلك ما لا نراه؛ لأن المنافق هو من يعلن الإسلام ويضمر الكفر.

ولكن من ينتهك الحرمة مصرا على الذنب دون مبالاة يكون إثمه أعظم وعقوبته أشد.

فقد قسم أهل العلم المذنبين إلى قسمين:

١. مصرين على الذنب فساق معاندين، وهؤلاء إثمهم كبير وذنبهم عظيم، وإن ماتوا وهم على ذلك فهم على خطر عظيم. وعلامتهم أنهم لا يبالون بالذنب ولا يأخذون بالنصيحة، قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ. [البقرة: ٢٠٦] .

٢. القسم الثاني من هم أهل تقوى وصلاح، غير أن القدم تزل بهم أحيانا، فيتنبهون من غفلتهم، ويرجعون إلى ربهم، وهم الذين قال الله فيهم: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران: ١٣٥] .

وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ.

[الأعراف: ٢٠١] .

ففي قلوب هؤلاء خشية، وفي نفوسهم تقوى، لكن الشيطان يطوف بهم طوفة، ويغلبهم فترة، وعلاماتهم ما يلي:

الأولى: لا يسعى أحدهم إلى الذنب ولا يتمادى فيه ولا يصر عليه.

الثاني: يسوؤه الذنب كثيرا ويكون عليه كالجبال.

الثالث: يسارع إلى التوبة ويسعى إلى الإنابة وتغشاه الندامة.

فانظري في أي هذه الأحوال أنت.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٠ صفر ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>