للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تأخير التوبة.. أمر مصادم للشرع]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب طالب علم في السنة الثانية من الباكلوريا وهذه السنة صعبة جداً.. لكن مشكلتي أني صاحب معاصي وذنوب كثيرة وأنا في شوق شديد للتوبة إلى الله أريد أن أتوب وأحتاج حقا إلى التوبة لأني أشعر بأن حياتي لا معنى لها من دون توبة.. ولكن والداي ينهياني بشدة عن التوبة لأن هذه السنة الباكلوريا صعبة جداً ويأمراني أن لا أتوب حتى يأتي الصيف وأتوب في الصيف ولا أتوب الآن بل أنتظر حتى يأتي الصيف.. والله أنا أريد أن أتوب ولكن لولا رفض والداي لتبت الآن ولما انتظرت الصيف فماذا أفعل، والله أنا أريد التوبة ولولا رفض والداي لتبت الآن ولما انتظرت حتى الصيف لأني مشتاق إلى التوبة فماذا أفعل، فهل أتوب الآن أم أنتظر إلى الصيف ثم أتوب؟]ـ

[الفَتْوَى]

خلاصة الفتوى:

تجب عليك المبادرة بالتوبة ولا يجوز تأخيرها لأي سبب من الأسباب.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ.. {التحريم:٨} .

وقال تعالى: وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:١١} .

وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ {الزمر:٥٣-٥٤} . فبادر بالتوبة -أخي الكريم- قبل فوات الأوان فمن يضمن لك أنك تعيش إلى الصيف بل إلى غد..

واعلم أن التوبة إلى الله تعالى والاستقامة على طريقه هي التي تذلل لك بعون الله كل العقبات وتسهل عليك كل الصعوبات، وتمنحك بإذن الله السعادة في الدنيا والآخرة، وأن الانحراف والإعراض عن طاعة الله تعالى سبب للبلايا والشقاء في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:١٢٣-١٢٤} ، فلا قيمة لهذه الحياة بدون صلة بالله عز وجل، ومن الذي يستطيع أن يحول بينك وبين التوبة إليه تعالى والصلة به والاستقامة على منهجه وهو القائل في محكم كتابه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة:١٨٦} ، فلا طاعة لوالديك في هذا الموضوع ولا دخل لهما فيه، ولا يجوز لك أن تؤخر التوبة بناء على طلبهما أو لأي سبب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وغيره.

ولهذا فنحن نوصيك بتقوى الله تعالى والمبادرة إلى التوبة، كما نوصيك ببر أبويك والرفق بهما والإحسان إليهما وطاعتهما فيما لا يخالف الشرع.

وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٥٤٥٠، ٣٣٥٦٤، ١٥٦٢٨.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ محرم ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>