للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التوبة الصادقة تمحو الذنوب]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة عمري٢٩ سنة متحجبة وملتزمة وخجولة جداً خاصة خارج المنزل وأعمل أستاذة أدب عربي في إعدادية بصفة مستخلفة في شهر فبراير الماضي تقدم إلي أستاذ من هذه الإعدادية وطلبني للزواج وهذا الرجل بدا لي إنسانا طيبا وصالحا بكل المقاييس (من الصعب أن أرفضه) ، وقال لي إنه متزوج وله بنات ويكبرني بـ ١٢ سنة في بداية الأمر ترددت كثيرا وبعدها وبما أنني من عائلة لا تأتيها الخطاب كثيراً وافقت مبدئيا، ولكنني لم أقل لأهلي عنه وفي يوم كنت واقفة أتحدث معه في قاعة الأساتذة وبدون أن أنتبه أمسكني من ذقني فابتعدت وانزعجت كثيراً وبعدها أخذ يكلمني في الهاتف مرات ويحدثني عن أمور لا أعرفها أمور تقال بين الرجل وزوجته وأنا بدوري أقول له إنه لا يجوز قول هذا لأنه حرام قال لي هذا الكلام في أربع مكالمات معي وفي بعض الأحيان يطلب مني الحضور إلى شقة زميل له فأسأله ماذا نفعل هناك يقول لي ما يفعله الرجل مع زوجته فأقول له هذا لا يجوز شرعا هذا حرام، ولكني لم أذهب معه إلى أي مكان بل كنت أضحك عليه أستغرب لماذا يقول مثل هذا الكلام وهو يعرف جيداً أنني مستحيل أن أقبل ومرة ظننت أنه يقول لي هذا الكلام ليختبرني ويرى ردة فعلي أو أنه غير رأيه ويريدني أن أكرهه وأطلب أنا منه الابتعاد عني والله أعلم، ومرة طلب مني أن ألتقي معه في موقف الحافلات ومشيت معه رغم أنني ترددت كثيرا في ذلك ولكني مشيت معه في طريق عودتي إلى المنزل حيث إن هذا الطريق في بعض الأحيان أذهب فيه مع أبي وهو طريق عامر بالسكان فلقد فعلت هذا مرتين دون أن يقترب مني فقط بل أسير معه ونتحدث فقط لا شيء أخر، ولقد علمت زوجته بالأمر وأصبحت أنا خائفة لو تحدث لي مشاكل مع عائلتي وهي بالفعل هددته بذلك وبأشياء أخرى تفعلها لو يتزوج عليها، وكل يوم عندما تأتي لزيارتنا أي امرأة لا أعرفها أخاف كثيراً وأن خوفي الأعظم من الله سبحانه وتعالى ومن ثقة والدي وإخوتي بي وهذه الثقة التي خنتها ولم أحافظ عليها، والمهم الآن أنا نادمة جداً على قبولي للزواج من هذا الرجل فأنا كنت أظن أنه يريد الزواج بي في الوقت الذي طلبني فيه لم أكن أدري بأنه يريد أن يطيل الحديث معي ثم بعد ذلك يقرر، وكلما أقول له متى تأتي لخطبتي يقول لي أمهليني بعض الوقت لأنظم أموري، فعذري أنني أريد الزواج من أي رجل يكون إنسانا صالحا ومتدينا ولا أريد المشاكل، إن ضميري يؤنبني كثيرا على هذه الأخطاء الفادحة التي فعلتها، فعائلتي كانت دائما تنظر إلي على أنني المثال الأعلى للشرف والتقوى فأنا الآن أحتقر نفسي كثيراً وأريد أن أكفر عن ذنبي بأي وسيلة كانت المهم أن يغفر الله لي في الدنيا والآخرة وأريد أن تعطوني حلا قاسيا لكي أتعلم من هذه الأخطاء ولا أكررها ثانية (أريد ردكم وجوابكم في أقرب الآجال) فإن ضميري يؤنبني أكثر مما تتصورون ليلا نهاراً أصبح أعيش في دوامة وهذا الموضوع أصبح يداومني كثيراً فماذا أفعل أرشدوني؟ جزاكم الله خيراً وشكراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس من شك في أن ما قمت به من الحديث مع ذلك الرجل مباشرة أو عبر الهاتف، وما حصل من إمساكه لك وما تم بينكما من لقاء في موقف الحافلات وغير ذلك مما فصلته تفصيلاً ... نقول: إن هذا بحق يتعارض مع قول الله تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور:٣١} ، وقوله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ {الأحزاب:٣٢} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. متفق عليه.

وعلى أية حال فإن من واجبك أن تبادري إلى التوبة بقطع هذه العلاقة فوراً مع ذاك الرجل، وأن تعقدي العزم على أن لا تعودي إلى مثلها، وأن تندمي على كل ما مضى، وهذا هو أحسن حل لما ارتكبته من خطأ، فإن التوبة الصادقة تمحو جميع الذنوب.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٢ ذو الحجة ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>