للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التعبد بقصد استغلال الفراغ والفوز بالسعادة]

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم العباده إذا قصد بها صاحبها بعض الأمور كالسعاده مثلا، أو من أجل استغلال وقت الفراغ أو طلب تيسير الأمور فهل تكون صحيحة أم لا، وما هي الأمور التي تخل بالنية الصالحة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسؤالك عن حكم العبادة إذا قصد بها صاحبها بعض الأمور كالسعادة.. إذا كنت تعني به قصد السعادة في الآخرة والنجاة من عذاب يوم القيامة، فجوابه أن رجاء الثواب من الله تعالى والرغبة في جنته ... والخوف من غضبه وعقابه.. لا يتنافى مع الإخلاص قطعاً.. بل هو دأب الصالحين، وعبادة المقربين من الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم إلى يوم الدين.

وقد تواترت على ذلك نصوص الكتاب والسنة، فقد قال تعالى حكاية عن أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام في بعض أدعيته الكثيرة: وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ {الشعراء:٨٥} ، وقال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا {الأنبياء:٩٠} ، وإن كنت تعني به السعادة في الدنيا وتيسير بعض الأمور فيها فإنه لا يكون في ذلك من حرج أيضاً، فكون الشخص يريد من ربه أن يصلح له أحواله ويفرج كربه ويزيل همومه وغمومه كل ذلك محمود شرعاً، والدعاء يأتي في هذا المعنى، وقد سماه الشارع مخ العبادة كما في حديث الترمذي، لما ذكره أهل العلم من جواز فعل صلاة الحاجة، ولك أن تراجع فيها الفتوى رقم: ٣٧٤٩.

ولما أمر الشارع به من صلاة الاستخارة إذا أراد المرء فعل أمر ...

ولا يتنافى شيء من هذا مع استغلال وقت الفراغ إذا كان القصد حسناً، لأن الشرع الحنيف قد حث على استغلال أوقات الفراغ، أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ.

وأما الأمور التي تخل بتصحيح النية فإنها إشراك الغير مع الله في العبادة، قال الله تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا {الكهف:١١٠} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه. رواه مسلم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ ذو القعدة ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>