للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الابتلاء بين رفع الدرجات وتكفير السيئات]

[السُّؤَالُ]

ـ[كيف نستطيع التفصيل في مسألة الابتلاء بين المنحة ورفع الدرجات وبين كونها غضبا من الله

وعذابا منه، وكيف يعرف الشخص أن ما نزل به من البلاء كان منحة أو عذابا.

أرجو التفصيل في مسألة البلاء، وهل ما ينزل بالأمة من نوازل كالزلازل والفيضانات كما رأينا من

فترة قريبة في الإمارات هل هذا غضب من الله؟]ـ

[الفَتْوَى]

خلاصة الفتوى

باستطاعة المؤمن الفطن أن يميز بين أنواع البلاء وأسبابها، وما يصيب الأمة سببه البعد عن الله تعالى وعن تحكيم شرعه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى يبتلي من شاء بما شاء من أنواع البلاء لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون كما قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:٣٥} ، وقال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة:١٥٥} ، وقال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ {محمد:٣١} .

وكل ذلك لحكمة أرادها سبحانه وتعالى من محو السيئات أو رفع الدرجات أو تنقية الصف وتمييز المؤمنين عن المنافقين أو غير ذلك كما تشير الآيات، وسبق بيانه بتفصيل أكثر في الفتويين: ٢٧٠٤٨، ٤٤٧٧٩، نرجو أن تطلع عليهما.

والمسلم الملتزم بشرع الله المراقب له سبحانه وتعالى في سره وعلانيته يعلم من أين يؤتى ويميز أنواع المصائب التي تصيبه وأسبابها والحكمة منها.

وقد كان من يقظة السلف أنهم كانوا يحصون عثراتهم وتضييعهم لحق الله تعالى، ويربطون ذنوبهم بما يصيبهم من البلاء، فقال بعضهم: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق خادمي ودابتي. وهذه اليقظة مدعاة للتوبة والاستغفار من الذنوب.

أما نحن في هذا العصر فقد كثرت علينا الذنوب والمعاصي حتى أصبحنا لا نميز بين أنواع البلاء وأسبابها..فصدق فينا قول القائل:

تَكَاثَرَتِ الظِّبَاءُ عَلَى خِرَاشٍ فَمَا يَدْرِي خِرَاشٌ مَا يَصِيدُ.

وأما ما يصيب الأمة من المصائب وما ينزل بها من البلاء فهو من هذا القبيل- ولا شك- فقد ظهرت المنكرات وتفشى الربا وحكم بغير ما أنزل الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وراجع الفتوى رقم: ٤٥١٨٤.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٣ شعبان ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>