للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[واجب المسلم في أيام الغربة والفتن]

[السُّؤَالُ]

ـ[أشكركم على هذا الموقع المتميز وأقول إنني عندي أسرة كبيرة الابن الثالث في العائلة لقد تعرضت لعدة فتن كبيرة ولا شك أن هذا الزمان زمن الغربة الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي ملاحظة إلى علماء المسلمين لماذا لا يتكلمون عن الحق ولماذا بعدت السياسة عن الدين فأصبحت كلها قوانين وضعية ونريد التطور فهذا ليس حراما، ولكن عندى تعليق وهو نحن عندنا هدف كبير وهو عبادة الرحمن لماذا لا تقام دار فتوى إسلامية تضم كل علماء المسلمين وتكون بالخلافة ولا تعتمد أي فتوى إلا من هذه الدار لأن هذا زمن الغربة وهو نفس زمن غربة الرسول في أول الإسلام، لكن زمن غربة الرسول كان يوجد الرسول فهو منصور من الله، لكن في الزمان الغريب وبهذه الدار أي دار الفتوى تكون قد كونت جسدا إسلاميا واحدا وأقول إنه يمثل جسد الرسول، لكن نقترب من ذلك لكي نسحق هذه الفتن لأن هذه الفتن تجعل شبابنا في حيرة أي مد وجزر فيصابون بالإحباط والاكتئاب ولاحظت أيضاً كل السياسة العربية تتكلم عن الأمة العربية، هل نحن في عصر الجاهلية يجب أن نتكلم عن الأمة الإسلامية، أريد أن أسألكم وهو أنني أريد أن أغادر المدينة وأتجه إلى البرية لأعيش عيشة الكفاف مع الطبيعة وأمارس ديني لأنني في الحقيقة متعرض للعديد من الفتن، ولكن لا أقول إنني تقي أو أن إيماني قوي جداً، ولكن لما رأيت مع نفسي أن العادات والتقاليد التي ربطتنا في صعوبة الزواج، والتي تكمن في البيت فلا بد إن كنت ساكنا بين هؤلاء الناس يسألونك هل عندك بيت وهل عندك سيارة وهل عندك نقال ونظرت إلى أن بعض الناس الذين يعيشون في البرية لا يهتمون إلى هذا فقلت لنفسى لماذا لا أعيش بينهم وأبعد عن الفتن وأهتم بأمور ديني ولو عشت وحدي لأنني ما أراه فى هذا الزمان من النفاق فخفت أن أكون كذلك ومن الفتن تجعلني أتشبث بالدنيا، ولكن عندما أفكر في هذا الموضوع يؤرقني إخوتي وأخواتي، فماذا يفعلون، مع العلم بأنني مهندس كمبيوتر؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصحيح قولك: إن عندنا هدفاً كبيراً وهو عبادة الرحمن، وأنه يجب أن نتكلم عن الحق وعن الأمة الإسلامية قبل أن نتكلم عن السياسة وعن الشؤون العربية، وأن السياسة لا يجوز أن تبعدنا عن الدين، وأنه لا يجوز أن نستبدل قوانين الإسلام بالقوانين الوضعية، وصحيح أيضاً ما ذكرته من الفتن التي كثرت في هذا الزمان، وأن هذا الزمان هو زمان الغربة الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في صحيح مسلم: بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء.

ثم قولك: لماذا لا تقام دار فتوى إسلامية تضم كل علماء المسلمين، ولا تعتمد أي فتوى إلا من هذه الدار؟ هو تساؤل وارد أيضاً، ولكنه -ولله الحمد- قد انتبه إليه العالم الإسلامي، وهو التحدي الذي دعا الأمة إلى الانتقال من فقه الفتاوى الفردية إلى فقه المجامع الفقهية، ولا شك أن القضايا الكبرى المستجدة في هذا العصر لا ينبغي أن يفتي فيها عالم واحد، وإنما يكون النظر فيها لجميع أهل العلم من كافة بلدان العالم.

وقولك: إنك تريد أن تغادر المدينة وتتجه إلى البرية لتعيش عيشة الكفاف مع الطبيعة وتمارس دينك لكثرة ما يعترض سبيلك من الفتن، هو رأي مصيب وقد يكون هو المتعين عليك إذا كنت لا تستطيع النجاة من الفتن إلا به، وأما إن كنت تستطيع دفع الفتن مع البقاء مختلطاً بالناس فإن ذلك يكون هو الأفضل لك، فقد أخرج الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم. قال الشيخ الألباني صحيح، ونسأل الله العلي القدير أن يجنبنا وإياك الفتن ما ظهر منها وما بطن.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٨ محرم ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>