للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا يعالج المنكر بمنكر أكبر منه]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.

لي أخت تبلغ من العمر ٢٤ عاما كانت تدرس بالجامعة، في العام الأول نجحت لكن في العام الثاني فوجئنا بأنها لم تكن تدرس بل اتبعت أشخاصا غير أخلاقيين من الجنسين، فأمرناها بالعودة إلى المنزل فلم تستجب فبحثنا عنها حتى وجدناها لكن لم نقس عليها بل أخدناها بالحنان، ووعيناها وسلكنا كل السبل العقلية لتوعيتها وأعطيناها الثقة في نفسها بل أرجعناها إلى الجامعة مرة أخرى فى نفس المدينة، لكن بددت ثقتنا بها مرة أخرى فلم تنجح، وقالت لي بأنها لم تدرس بجدية، وفي الأخير قالت أريد أن أعود إلى تلك المدينة وإن لم تتركوني فسأستغل فرصة ما وأهرب، لكن أمي قالت إن خرجت من المنزل فإني سأنتحر. مع العلم بأننا عائلة محافظة ومتدينة، وأقسم أني لو لم أكن خائفا من الله لقتلتها فهل يجوز قتلها إن كانت (شيطانة من الإنس) مع العلم أن سيدنا الخضر قتل فتى كان سيرهق أهله.وهذه الأخت قد أرهقتنا جميعا فأصبح المنزل لا يطاق وأنا خائف على أمي أكثر من نفسي أن يصيبها شيء من الغضب. (مع العلم أننا فعلنا لها كل ما بوسعنا من المساعدة) أما أبي فقد استعمل معها كل الطرق وحتى أخواتها لم يستطعن التأثير عليها.

ولكم جزيل الشكر.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أنه مهما كان من أمر أختك هذه فإنه لا يجوز لك قتلها فإن المنكر لا يعالج بمنكر أكبر منه، وشأن القتل عظيم، ويكفي في ذلك قول الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:٩٣} وثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقا - ومعنى معنقا خفيف الظهر سريع السير- صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما حراما بلح -أي أعيا وانقطع- وروى ابن ماجه عن البراء رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق. فعليك التلطف بها والرفق في نصحها، والإحسان إليها وسلوك سبل الدعوة التي تؤثر في قلبها، واحرص على الشرائط والكتب والمنشورات الإسلامية أن تكون موجودة في البيت مع الدعاء لها بالهداية والاستقامة، واحرصوا على أن تربطوها بصحبة صالحة من الفتيات، وينبغي مساعدتها في بناء حياة مستقرة بالزواج وتكوين أسرة، فلعل ذلك يسد فراغا في نفسها، ثم اعلم أن ما قام به الخضر عليه السلام من قتله الغلام الكافر وخرقه للسفينة كان عن وحي من الله له بفعل ذلك، كما قال تعالى حكاية عنه: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي {الكهف:٨٢} قال ذلك ردا على موسى عليه السلام حينما قال له أقتلت نفسا بغير نفس، فلا يستدل به على قتل من أرهق أهله، أضف إلى ذلك أنه لو فرض أن شخصا ما ارتكب ما يحل دمه كقتل النفس أو الزنى بالنسبة للمحصن فإن قتله يكون من اختصاص ولي الأمر، وليس لأفراد الناس ولو كانوا آباء أو إخوة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٥ رجب ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>