للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[أمور تعين على تخفيف هموم الدنيا]

[السُّؤَالُ]

ـ[سؤالي إلى الله عزوجل أن يعينني على حالي، وحاشا أن أعترض على قضاء الله، فقد حالت ظروفي الشخصية (كطلاق وتحمل مسؤولية طفل وحدي كاملة وما تبع ذلك من عزلة ووحدة وبعد الناس وابتعادي أنا أيضا عن الناس) وغربتي لأحسن وضعي المادي وظلمي الشديد الأخير في مجال عملي والذي أضاف جرحا غائرا لم يستطع مرور عام تخفيف وطأته..أنا لم أعد أضحك ولا أحس بأي نوع من السعادة، إنني كألة يجب أن تعمل فقط لأفتح بيتا؟ بالله عليكم يا أهل الدين هل تطالب امرأة مسلمة بكل هذا؟ أين الرجال-لقد لجأت للمساعدة سواء نفسيا أوعمليا من بعض رجال الدين المعروفين وللأسف (إما عرض زواج عرفي علي) وإما تخلي حتى عن النصيحة. أنا لا أطلب سوى المساندة النفسية والنصيحة والعون إذا احتاج الأمر فإنني امرأة ضعيفة في غربة (حمدا لله على أمان هذه البلاد) ، ماذا أفعل ساعدوني أثابكم الله. أريد أن أسعد قليلا ويزول همي واكتئابي وتعاد ثقتي بنفسي وفيمن حولي، ادع الله لي بذلك؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أن ما مر عليك قد يكون ابتلاء وامتحانا ترفع به الدرجات وتكفر السيئات. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. رواه النسائي.

وعليك بالصبر والرضا بما قدر الله لك وما ابتلاك به، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وقال حديث حسن.

فما من عبد يبتلى ببلوى أو مصيبة فيصبر عليها إلا كان ذلك خيراً له، كما في الحديث الصحيح: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن! إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له. رواه مسلم.

فهوني على نفسك، واعلمي أن السعادة الحقيقية هي في الدار الآخرة.

وعليك باتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، فإن ذلك سبب لانشراح الصدر وطمأنينة القلب، قال تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى {طه:١٢٣}

وقال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّه {الزمر:٢٢} .

وعليك بالأدعية والأذكار التي تخفف هموم الدنيا. فقد روى أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب غمي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا، قال فقيل يا رسول الله: ألا نتعلمها، فقال بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.

وعن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم، فإذا برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، فقال: أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. قال: فقلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي وغمي وقضى ديني. رواه أبو داود.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٨ جمادي الثانية ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>