للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[إخبار الزوجة بالعمل الصالح هل يعد رياء]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ بارك الله فيكم ونفعكم ونفع بكم:

هل هناك رياء بين الزوج وزوجته بمعنى هل لو عملت عملاً صالحاً مخلصاً فيه لله ولكن بعد عمله قلت لزوجتي أنا فعلت كذا وكذا من باب أن الحياة الزوجية مشاركة، وهل لو قلت لها أنا أنوي أن أفعل كذا وكذا من أمور الأخرة، هل ذلك يكون رياء أو نقلا للعمل من السر للعلانية فينقص الأجر.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالرياء هو أن تقصد بعملك مراءاة الناس فتتصدق ليقال فاعل خير، وتصلي وتصوم ليقال عابد أو زاهد، وتقاتل ليقال شجاع وهكذا، فلا تخلص النية في عملك لوجه الله، قال بعض أهل العلم: ويصح أن يقال الإخلاص تصفية العقل عن ملاحظة الخلق، والصدق التنقي عن مطالعة النفس، فالمخلص لا رياء له والصادق لا إعجاب له. والرياء يقابله الإخلاص، وحال المخلص في نيته حال من قال الله فيهم: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا {الإنسان:٩-١٠} ، وإن كان العمل خالصا لا يضره ولا يؤثر في نية فاعله لو اطلع عليه بعض الخلق أو أخبر به زوجه أو صديقه ونحو ذلك ليتأسوا به في فعل الخير مثلا أوغير ذلك من المقاصد الحسنة، وإن أخبرهم على سبيل المراءاة فقد راءى، فهو بحسب نيته في ذلك، وكلما كان العمل بين العبد وربه لا يطلع عليه أحد كان ذلك أزكى له وأخلص لنيته وأبعد عن الرياء وفتنته والعجب وهلكته، وبعض العمل يكون الإسرار به أفضل مثل الصدقة كما قال تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {البقرة:٢٧١} وفي الحديث المتفق عليه يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم إن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه. وقد يكون إظهار الأعمال أفضل إن كان لحث الناس على الخير وترغيبهم فيه، ففي الحديث: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء. رواه مسلم، فلا حرج عليك أن تخبر زوجتك ببعض ما تفعله من أفعال الخير سيما إن كنت تقصد شحذ همتها لتشاركك فيه، ففي الحديث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله رجلا قام من الليل فصلى ثم أيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ثم أيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه الماء. رواه أبو داود والنسائي، وقال الشيخ الألباني حسن صححيح، ولكن عليك أن تحذر من الرياء كل الحذر فلا تقصد بقربة تعملها غير وجه ربك الأعلى، وللفائدة انظر الفتويين: ٨٥٢٣ / ٤١٤٤٩.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٨ جمادي الثانية ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>