للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدواء الشافي لمن أراد الهداية والسعادة]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمن الرحيم

أولا ود أتوجه بجزيل الشكر على هذا الاهتمام بالشباب وبالجيل الجديد الذي بدأت تطغى عليه وعلى سلوكه الحياة الغربية فأنتم بمثابة طوق النجاة والفنار الذي يهدي القلوب الحائرة الضالة، فأنا أريد من سيادتكم مساعدتي حيث إني أعيش حياة صعبة لا أعرف ماذا أصابني فقدت كل معاني الحياة أكره الحياة أكره حتى نفسي أجد صعوبة في التعامل مع الناس فالكل يهمه مصلحته فقط، لن أطيل الكلام لأنني لا أستطيع الصلاة كلما نويت الصلاة أجد شيئا يلهيني عنها أعرف أني أضع نفسي في كارثة، أحرم نفسي من رحمة الله وأقلل رزقي، فعلت الكثير مما يغضب الله، أنا تائه في بحر الكبائر حتى عملي بدأت أكرهه أتكاسل في العمل ٨ سنوات غربة لم أفعل فيهم الجائز، حتى زوجتي طلبت الطلاق ليس لأني منحرف ولكن لأسباب أخرى وهي تدخل أهلها فى حياتي وعند رفضي طلبوا الطلاق، واليوم تم الطلاق بعد مرور عام كامل في المحاكم، أحس بأن الدنيا ضيقة جداً لم يعد عندي أي ثقه في شيء، أتوسل لسيادتكم ساعدوني حتى أستطيع أن أفعل شيئا فى حياتي قبل مماتي وتكون جيوبي خاوية في قبري؟ جزاكم الله عنا كل خير ... الرجاء سرعه الرد.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكر لك هذا الثناء ونسأل المولى عز وجل أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، ونبشرك أيها الأخ الكريم أن لا حائل بينك وبين مغفرة الله ورضوانه سوى أن تتوب إليه توبة نصوحاً، وانظر شروط التوبة في الفتوى رقم: ٥٠٩١، والفتوى: ٥٤٥٠.

وإذا تبت وعملت صالحاً فإن الله سبحانه وتعالى يبدل سيئاتك التي كنت تعملها إلى حسنات منة منه وكرماً، كما في قوله تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:٧٠} ، وقوله تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:٣٩} ، وإذا حسنت توبتك وقويت صلتك بربك فستجد طعم السعادة والأنس والطمأنينة سيما في الصلاة فهي صلة بين العبد وربه، ومن أقامها نهته عن الفحشاء والمنكر، كما في قوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ {العنكبوت:٤٥} .

وأقرب ما يكون المرء من ربه وهو ساجد. كما عند مسلم من حديث أبي هريرة، وقد جعلت قرة عين نبينا صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وهي كنز من حرمه فقد حرم خيراً كثيراً، وقد بينا جزاء تاركها والمتهاون بها في الدنيا والآخرة في الفتوى رقم: ٦٠٦١.

وما تجده من وحشة وألم وخيبة أمل فإن سببه المعاصي والبعد عن الله وسلوك سبل الغواية والردى فهذا هو الداء وقد وصفنا لك الدواء فالزم، وانظر الفتوى رقم: ٤٠٦٣٢.

واعلم أنه قد تواجهك مصاعب وتعترض طريقك متاعب فتكل وتمل، وكل ذلك من الشيطان فهو عدوك وإذا استقمت وتركت سبيله خسرك، فسيقعد لك كل مرصد ويأتيك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك يزين لك المعاصي ويريك ما فيها من اللذة ويبغض إليك الطاعات والقربات، كما أخبر المولى عنه في قوله: وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا {النساء:١١٩} ، وقوله تعالى: ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:١٧} .

وننصحك أيها الأخ الكريم أن تختار رفقة صالحة تعينك على طاعة الله وتذكرك به إذا نسيت، وإياك ومصاحبة أهل الفسوق والفجور فعاقبة صحبتهم الهلاك والثبور، وقد قال الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:٢٨} ، فأقبل على ربك يقبل عليك، وأكثر من ذكره يطمئن قلبك وتسعد نفسك، فإنه يقول: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:٢٨} ، ويقول تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:١٢٤} ، ويقول: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:٩٧} ، وللفائدة والتفصيل انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: ١٠٩٥، ١٠٢٦٣، ٦٩٤٦٥.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٥ جمادي الأولى ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>