للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تركستان الشرقية وكيف ينصر المسلم أخاه]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمن الرحيم

سؤالي الأول: هو ماذا يمكننا أن نفعل اتجاه قضية تركستان الشرقية؟

سؤالي الثاني: هل من الممكن أن نقاطع المنتجات الصينية لما فعلته لتركستان الشرقية؟

سؤالي الثالث: لماذا لا نجد كثيرا من الخطباء والدعاء لا يتكلمون بقضية تركستان الشرقية ولا يذكرون الأمة بها؟

سؤالي الرابع: لماذا نرى كثيرا من المسلمين لا يعلمون ولا يعرفون بقضية تركستان الشرقية؟ أرجو الإجابة على السؤال مع تمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح في هذه الدنيا والآخرة وأسأل الله أن يحرر تركستان الشرقية من الكفار المشركين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. والحديث أخرجه مسلم وأحمد، وقال الله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ {التوبة:٧١} قال الشوكاني رحمه الله عند هذه الآية: أي قلوبهم متحدة في التوادد والتحابب والتعاطف بسبب ما جمعهم من أمر الدين وضمهم من الإيمان بالله، فنسبتهم بطريق القرابة الدينية المبنية على المعاقدة المستتبعة للآثار من المعونة والنصرة وغير ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ثم شبك بين أصابعه. متفق عليه.

فهذه الأدلة كلها تدل على وجوب وحدة المسلمين وترابطهم, وأنه لا بد أن يهتم المسلم بشأن إخوانه فهم كالجسد الواحد, ولا يتصور أن يهمل الإنسان يده أو رجله أو أي عضو من أعضائه فيتركه ولا يتحسس آلامه إلا إذا كان أشل ميتا, وبقدر إيمان المؤمن تتقد فيه تلك الجذوة, ويتحرك فيه ذلك الإحساس, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. متفق عليه، قال ابن حجر: ما يحب لنفسه أي من الخير كما عند الاسماعيلي والخير كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والأخروية، وتخرج المنهيات لأن اسم الخير لا يتناولها. اهـ.

ولا شك أنه ما من مسلم علم حالهم على حقيقتها إلا ويتقطع قلبه مما يجري في تلك البلاد، والواجب على كل مسلم أن يساعدهم بما استطاع وأن يمد لهم يد العون، وأن يوصل لهم ما استطاع من المساعدات المالية, وأن يسعى لتعريف المسلمين بمأساتهم, وتوعيتهم وتنبيههم على وجوب التضامن معهم ونصرتهم ومساعدتهم كل على حسب استطاعته وحشد التأييد لهم وجمع التبرعات لهم والسعي إلى إيصالها إليهم عن طريق موثوق بها، والأهم من ذلك أن يدعو لهم في كل حين ولا سيما في أوقات الإجابة كآخر الليل وساعة الجمعة وبين الأذان والإقامة وعند الإفطار والانتهاء من صلاة فرض، ففي الحديث: دعوة المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل به كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل. رواه مسلم، ويتعين الإكثار من الدعاء وعدم الملل منه لما في الحديث: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: دعوت فلم يستجب لي. رواه البخاري ومسلم.

كما يتعين نصرهم بما تيسر من عون بشري أو مالي أو غيره، ففي حديث الصحيحين: أنصر أخاك ظالما أو مظلوما. وفي الحديث: ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته. رواه أحمد وأبو داود والضياء في المختارة وحسنه الألباني في الجامع.

ويتعين كذلك بذل الطاقة في تفريج كربتهم وكفالة يتاماهم وأراملهم ففي الحديث: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه, ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. رواه البخاري ومسلم.

وفي الحديث: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة. رواه مسلم.

وفي الحديث: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله. رواه مسلم.

ولا بد من السعي أيضا في بذل الوسع والطاقة في هدايتهم وتوبتهم حتى يغيروا ما بأنفسهم فيغير الله ما بهم, ويمكن تحقيق بعض ذلك في إيصال المصاحف والكتب الدينية لهم, وإقامه حلقات التحفيظ والدورات العلمية والتربوية في قراهم, وكفالة بعض أذكيائهم ليدرسوا في البلاد الإسلامية ثم يفقهوهم وينذروهم إذا رجعوا إليهم، ولا بد من السعي كذلك في توبة واستقامة المتعاطفين معهم من المسلمين على الطاعات حتى تستجاب دعواتهم لهم, وحتى تتوقف أبواب البلاء المفتوحة بسبب معاصي بني آدم، قال تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً {الأنفال: ٢٥} وراجع في شأن المقاطعة الفتوى رقم: ٧١٤٦٩، والفتوى رقم: ٧١٧٦٩.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٢ جمادي الأولى ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>