للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم]

[السُّؤَالُ]

ـ[كيف يستطيع المؤمن أن يعرف أن صلاته ودعاءه مقبولان عند الله عز وجل، أنا أجاهد نفسي في كل لحظة وأسعى لمرضاة الله، ولكن فكرة أن المسلم قد يؤدي واجباته نحو الله، ولكن صلاته لا تقبل ودعاؤه لا يرتفع قيد شبر فوق رأسه تؤرقني وتلح علي في كل حين، فأنا لا أريد أن ألقى الله عز وجل خالي الوفاض، وفي كثير من الأحيان لا يتأتى لي الخشوع في الصلاة خصوصاً عندما أصلي في العمل، كما أنني أعاني من آلام في الظهر مما يؤثر على تركيزي في الصلاة، فهل ينالني إثم على ذلك أرشدوني، هل يشترط لمن يريد أن يسمح على الجورب النية للمسح عند لبسه بعد الوضوء؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن قبول الطاعات التي يعملها المسلم أمر غيبي لا يمكن الاطلاع عليه ولا على عدمه، لكن على المسلم بذل جهده في سبيل أن تكون طاعته مقبولة عند الله تعالى عن طريق فعلها على الهيئة المشروعة مع الإتقان والإخلاص لله عز وجل فيها، ومن صفات السلف الصالح كونهم يخافون عدم قبول أعمالهم، ففي سنن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ. قالت عائشة: هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات. صححه الشيخ الألباني.

أما الدعاء فإذا كان فيما يتعلق بأمور الدنيا فيمكن معرفة استجابته من عدمها بحصول الأمر المطلوب من عدم حصوله، مع التنبيه على أن المسلم إذا دعا بدعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم فإنه لا يخيب أبداً سواء اطلع على ذلك أو لم يطلع عليه، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: ٢١٣٨٦.

وأما إذا كان الدعاء مما يتعلق بأمور الآخرة فإن معرفة استجابته من عدمها أمر غيبي أيضا، ومع ذلك فإن المسلم مأمور بدعاء الله تعالى في السراء والضراء، وموعودٌ بالإجابة من عند الله تعالى، فعلى الأخ الكريم -تقبل الله منا ومنه صالح الأعمال- أن يثق بما عند الله ويتوكل عليه ويحسن به الظن ويفعل من الخير ما يطيق ويلزم الاستقامة على طاعة الله تعالى فسيجد عاقبة ذلك قبل الموت وعنده وفي القبر ويوم القيامة، قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:٩٧} ، وفي الفتاوى ذات الأرقام التالية مزيد فائدة: ١٤٠٠٥، ٨٥٨٩، ٦٤١٧.

ثم إن الخشوع هو روح الصلاة فإذا افتقد في الصلاة كانت الصلاة مجرد حركات لا حياة فيها، ولذلك ينبغي للمسلم أن يحرص على تحصيله، ولكن لا إثم في عدم حصوله لأنه سنة وليس واجباً ولا سيما إذا كان عدم حصوله ناشئاً عن أمر خارج عن إرادة الشخص، وانظر في ذلك الفتوى رقم: ٤٢١٥، ولبيان الأمور التي تعين على الخشوع راجع فيها الفتوى رقم: ٣٠٨٧، ولبيان شروط المسح على الجوربين راجع الفتوى رقم: ٥٣٤٥، ولا يشترط لجواز المسح على الجوربين أن ينوي المرء عند لبسهما متطهراً أنه سيمسح عليهما مستقبلاً.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٨ جمادي الأولى ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>