للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[وسائل الارتقاء في سلم الطاعة]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة ضعيفة أريد أن أكون مسلمة طاهرة ومتقدمة وغير جاهلة لأمور ديني وأن أبتعد عن الكبائر. قلت ضعيفة لأنني أريد الرقي بنفسي ولا أقوم بشيء لقد تحجبت منذ سنتين لكن لا أحس بتقدم؟

بارك الله فيكم.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهنيئا لك بالتوبة والالتزام، ونسأل المولى ذا الجود والإنعام أن يشرح صدرك للإسلام، وألا يزيغ قلبك بعد إذ هداك إنه سميع قريب مجيب، قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: ١٨٦} اللهم اجعلنا من الراشدين، واسلك بنا سبيل عبادك المخلصين، ولا تفتنا عن ديننا يا أرحم الراحمين.

وأما ما سألت عنه أيتها الأخت الكريمة من عدم الإحساس بلذة التوبة والاستقامة، فالجواب أن تنظري نفسك وتراجعي علاقتك مع ربك، ومدى التزامك بالصلاة والمحافظة عليها والخشوع فيها والإكثار من نوافلها، فهي الصلة بينك وبين ربك، فأحسني صلتك به تجدي لذة المناجاة ولذة الاستقامة ولذة الطاعة، واسمعي إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار. متفق عليه، واللفظ لمسلم.

قال النووي: هذا حديث عظيم وأصل من أصول الإسلام. قال العلماء رحمهم الله: معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإيثار ذلك على عرض الدنيا، ومحبة العبد ربه سبحانه وتعالى بفعل طاعته وترك مخالفته، وكذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتحقيق هذا ليس بالأمر المستحيل فقد وجدت منك الرغبة والإرادة وبقي التنفيذ، واعلمي أن مما يعينك على ذلك اختيار الرفقة الصالحة والابتعاد عن قرينات السوء ومن لا يذكرنك بالله، قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف: ٢٨} فجاهدي نفسك واصبري وصابري واحتسبي أجر ذلك عند الله وستجدين اللذة إن شاء الله، والمهم أن تسلكي الطريق الصحيح الذي يوصلك إلى مرضات ربك سبحانه وتعالى ومغفرته وجنته، ولا يصدنك عن ذلك شيء سواء وجدت لذة ذلك في الدنيا أم لم تجديها فإنها لك في الآخرة، قال تعالى: وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى {الأعلى: ١٧} .

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٤ ربيع الثاني ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>