للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الراحة في الصلاة وخطورة الأمن من عقاب الله]

[السُّؤَالُ]

ـ[رجل عمره ٣٦ عاما كان في غربة طالت ٦ سنوات في الاتحاد السوفيتي المنحل, حيث كان ملتزما بالإسلام دينا ومنهجا , وكان متشددا فهو لم يشرب ولم يزن ولم يأكل الخنزير فحسب، بل اجتنب ذلك كله, يعامل الناس أحسن معاملة, لا يكذب ولا يسرق ولا يقترب بسوء من حقوق العباد, مؤمن بالإسلام كاملا وعن علم, وكان ضمن جماعة. أما بعد عودته ظل ملتزما بالاسلام دينا ومنهجا ولكنه لا يصلي وهو يعلم مكانة الصلاة في الاسلام ولا يوجد عنده مبرر ومعترف بذلك ويقول:١- أنا أحاول أن أصلي ولكني لا أستطيع بسبب مرض عندي (أعتقد أنه نفسي مثل القلق والاكتئاب) .

٢-أشعر أني إذا صليت لا أصلي كما يجب وأشعر أن صلاتي لا تشعرني بالراحة والطمأنينة.

٣-إن كل تقصير في العبادات ميكن أن يغفر من الله الرحمن الرحيم أما حقوق العباد فلا , لأن ذلك يعتمد على العباد.

٤-أنا أدعو الله عز وجل أن يجعلني ممن يقيمون الصلاة ويلتزمون بها لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي وطاعة لله ورسوله إنه نعم المولى ونعم النصير.

ما حكم من لا يصلي بسبب مرض نفسي مثل الاكتئاب والقلق والانصام؟

وبارك الله فيكم..]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتزام الشخص المذكور بالمحافظة على أحكام الشريعة الإسلامية في بلاد الكفر والإلحاد أمر عظيم يشكر عليه هذا الرجل، ونسأل الله جل جلاله أن يتم عليه نعمته ويذهب عنه ما ألم به من مرض، وندعوه إلى أن يلجأ إلى الله تعالى بصدق وإخلاص في أن يمن عليه بالشفاء العاجل، ويمنحه المحافظة على الصلوات لأن الصلاة عماد الدين، وهي الصلة بين العبد وربه، وهي من أعظم أسباب ذهاب الغموم والهموم.

وقوله: إنه لو صلى لن يصلي كما يجب، وإنه لا يشعر فيها بالطمأنينة خطأ منه وخدعة من الشيطان ليبعده عن الصلاة التي فيها راحته وسعادته في الدنيا ونجاته في الآخرة على الحقيقة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أرحنا بالصلاة يا بلال. وكان إذا نزل به أمر يهمه فزع إلى الصلاة، ونقول له لو أقبلت على الصلاة وحافظت عليها لذهب هذا الشعور، وأبدلك الله مكانه الفرح والسرور بالصلاة.

وأما قوله: كل تقصير في العبادات يمكن أن يغفر من الله، أما حقوق العباد فلا.

فغير مبرر له في التساهل في ارتكاب الذنوب التي بينه وبين الله لأنه لا يجوز الأمن من عقاب الله تعالى، فقد قال سبحانه: إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ {المعارج: ٢٨} ولأن الذنوب يجر بعضها بعضا، وقد يبلغ الأمر إلى ارتكاب ذنب يخرج من الإسلام ويسبب الخاتمة السوء كترك الصلاة، وقد نص طوائف من العلماء على كفر صاحبه وخروجه عن الإسلام استنادا إلى قوله عليه الصلاة والسلام: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وثبت عنه أيضا أنه قال: بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة. رواه مسلم.

والحاصل أنه مطلوب منه المحافظة على الصلاة ولا عذر له في تركها ما دام عنده عقل يعي به، وعليه أن يؤديها على الحالة التي يقدر عليها فلا يعذر فيما يقدر عليه ولا يطلب منه ما عجز عنه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٤ ربيع الأول ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>