للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الالتزام بالدين ليس معناه ترك التمتع بالطييات]

[السُّؤَالُ]

ـ[بعد التزامي أصبحت جادة جدا مالي خلق الدنيا ولا أستمتع بها وأشعر بحقارتها وأتمنى الموت وأنتظره وأستعد له كل هذا أثر علي علاقاتي وخاصة الزوجية زوجي ترك البيت بسبب النكد ويقضي الوقت عند أصدقائه أو عند أمه حاولت أرجعه للبيت لكني غير سعيدة ويشعر أنني أمثل عليه أرى أغلب المتدينين جادين لكن ليس مثلي بهذه الدرجة قبل الالتزام كنت مرحة جدا وسعيدة لأني لا أفكر إلا في الدنيا كيف أسيطر على مشاعري وأفصل بين الدنيا والدين أريد إجابة تريحني؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من أهم ما يتميز به دين الإسلام أنه دين وسط بين الغالي فيه والجافي عنه، فلا إفراط فيه ولا تفريط، وهودين يوازن بين حاجة الروح وحاجة الجسد، فلا يطغى أحد منهما على حساب الآخر، وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: ٢٥٣٣٨، والفتوى رقم: ٢٦٦٧٣، وذكر الموت والرغبة في الله تعالى والدار الآخرة من الأمور الحسنة ولكنها لا تمنع المسلم من التمتع بزينة الحياة الدنيا، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فهو أخشانا لله تعالى وأعلمنا به، وأكثرنا ذكراً للموت، وهو القائل صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً. رواه البخاري ومسلم، ولم يمنعه ذلك من التمتع بالطيبات، فهو القائل عليه الصلاة والسلام: حبب إليَّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة. رواه أحمد والنسائي، وروى البخاري ومسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلى وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني. وروى الترمذي عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال: ما رأيت أحدا أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالذي نوصيك به هو الاعتدال وإعطاء كل ذي حق حقه، روى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لزوجك عليك حقاً، ولزورك عليك حقاً، ولجسدك عليك حقاً. واعلمي أن من أعظم الحقوق على المرأة حق الزوج، وطاعته في المعروف من أعظم القربات، وراجعي الفتوى رقم: ٣٢٥٤٩، فينبغي أن تتزيني لزوجك وتحسني عشرته، فإن هذا سبيل لإرضاء الله تعالى ودخول الجنة، فالدنيا يستغلها المؤمن مطية إلى الآخرة.

وننبهك إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يتمنى الموت لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، إلا أن هذا لا ينافي شوق المؤمن للقاء الله تعالى كما سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: ٨١٣٧.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٦ ذو القعدة ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>