للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[العصمة من الوقوع في الفاحشة]

[السُّؤَالُ]

ـ[أسأل الله أن يقدر لنا الخير ويسدد خطانا ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، إخواني الكرام، أنا أعيش في بلد أوروبي بغرض الدراسة وطلب الرزق لأن الوضع السياسي والأمني في بلدي حرج جداً لا يمكنني العودة حالياً وبلد إقامة أهلي وهو بلد عربي يرفض منحي إقامة أطول من شهرين، المشكلة هنا أني حيثما أذهب تلاحقني الفتيات ولا أدري ماالسبب, فهن يتوددن إلي في الجامعة وفي مكان العمل وتوقفني في الشارع من لا أعرف بحجة التقاط الصور معي وحين أسأل السبب يقولن إنني حسن المظهر، لقد حاولت تغيير مكان العمل والدراسة ولكن الحال كما هو، لقد حاولت أن أتزوج ولكن أهلي يعارضون بشدة بحجة أنني صغير وأن أختي لم تتزوج بعد ويقولون انتظر ٥ سنوات، الآن أنا أكذب وأقول للجميع أني متزوج بهدف إبعاد الفتيات عني، ولكن إحدى الزميلات اكتشفت الأمر وما زالت تلاحقني وقد واجهتني وقالت لي إنها تود أن أزني بها والعياذ بالله، الآن لم أغادر المنزل منذ ٤ أيام كي لا ألتقي بها، هي تقول إنها تعلم أن هذا حرام ولا تمانع أن نتزوج عرفيآ أو ما شابه ذلك والعياذ بالله، طلبت منها الابتعاد عني ولكن لا زالت تلاحقني، سؤالي هو: هل أأثم على الكذب وادعاء الزواج، وكيف أقنع أهلي بضرورة زواجي في القريب العاجل، علمأ بأني عندما أتيت إلى هذا البلد كنت أبلغ ١٧ عاما وأنا الآن والحمد لله خريج جامعي أحضر دراسات عليا، وأبلغ من العمر ٢٤؟ جزاكم الله كل خير.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يثبتك على الاستعصام والعفة، وقدوتك في ذلك نبي الله يوسف عليه السلام، الذي استعصم من الوقوع في الفاحشة، فرفع الله قدره وجعل له العاقبة، إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، قال الله تعالى على لسانه عليه السلام: قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ {يوسف:٢٣} ، ودعا ربه واستعان به على أن يصرف عنه كيد النساء، وفضل السجن على الوقوع في الفاحشة، قال الله تعالى: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَاّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ* فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {يوسف:٣٣-٣٤} ، فادع الله أن يصرف عنك كيد النساء، وعليك اجتنابهن ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.

وأما عن الكذب في إخبارك لهن بأنك متزوج، فلا بأس به إن تعين وسيلة لإبعادهن عنك، وخير منه التورية بأن توري بكلام يفهم منه السامع أنك متزوج، دون أن تقصد الزواج.

وأما عن الزواج فينبغي لك أن تجتهد في إقناع والديك بأهمية الزواج، وخاصة مع وجود القدرة، وأن الزواج ليس عائقاً عن إكمال الدراسة مع ما فيه من الخير، والحفظ عن الوقوع في الحرام، فإن أصرا على موقفهما، وخشيت على نفسك الوقوع في الحرام، فلك الزواج وإن لم يرضيا بذلك، وانظر الفتوى رقم: ١٨٦٦٨.

وننبهك إلى أن جواز الإقامة في ديار الكفار مشروطة بأمن المسلم على دينه، فإن كان لا يأمن على دينه وجبت عليه الهجرة فأرض الله واسعة، ولن يعدم المسلم الصادق فيها ملاذاً.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١١ ذو القعدة ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>