للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[السعي في قضاء حوائج الناس قمة السعادة]

[السُّؤَالُ]

ـ[لم تسر حياتي كما خططت لها ليس من قصور بل لأنني حاولت إرضاء الجميع على حساب نفسي، والآن أرى نفسي فاشلة، علما بأنني أحمل شهادة جامعية وأعمل في وظيفة مرموقة جداً، لكنني متشائمة جدا وأرى المستقبل في سواد الليل ولم أرتكب معاصي كبيرة والحمد لله، لكني يائسة من رحمة الله، فهل من سبيل إلى تخلصي من هذا الداء؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن عملك على إسعاد من حولك وإرضائهم وسعيك في قضاء حوائجهم -لن يضيع عليك إن شاء الله تعالى- بل هو في ميزان حسناتك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام. وإن سوء الخلق ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل. والحديث رواه الطبراني، وحسنه الألباني.

ثم لا يكن همك أن يحبك الناس، بل ليكن همك أن يحبك الله ويرضى عنك، قال العلماء: رضا الله مأمور به ومقدور عليه، ورضا الناس ليس مأموراً به ولا مقدوراً عليه. وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله: رضا الناس غاية لا تدرك.

بيد أنك إن أرضيت الله ولو بسخط الناس رضي الله عنك وأرضى عنك الناس، وأن أرضيت الناس بسخط الله سخط الله عليك وأسخط عليك الناس، كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن عائشة.

هذا.. وإن الواجب عليك أن تحسني الظن بربك، فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي.... رواه البخاري ومسلم، وانظري الفتوى رقم: ٨٧٣٦.

فارضي عن ربك، ولا تحزني على ما فاتك من الدنيا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أصبح آمناً في سربه، معافاً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها. رواه الترمذي، وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٥١٩٤٦، ٨٦٠١، ٣٢١٨٠.

وتفاءلي واحذري من التشاؤم، فإن اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى محرم، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٢٨٩٥٤، ٥٧١٩٨، ١٤٣٢٦، ١١٨٣٥.

وإن الذي نوصيك به هو أن تزيدي في التعرف على الله، وأن تتقربي منه أكثر، وإن السبيل إلى ذلك هو قراءة القرآن بتدبر وحضور قلب، وطلب العلم الشرعي النافع، وذلك بحضور مجالس العلم، وبمطالعة الكتب، وباستماع الأشرطة الإسلامية، وذلك كله متوفر بفضل الله تعالى، وانظري الفتوى رقم: ٥٩٧٢٩، والفتوى رقم: ٥٦٥٤٤، والفتوى رقم: ٥٩٨٦٨.

ونوصيك كذلك بأن تكون لك رفقة صالحة من الأخوات الفضليات، فإن صحبتهن من أعظم أسباب الاستقامة على دين الله التي هي سر سعادة العبد في الدنيا، وذلك بعد فضل الله سبحانه، فتتعاوني معهن على الخير وعلى طلب العلم النافع، واعلمي أن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ولا تتركي الدعاء أبداً، فإنه مخ العبادة ولبها، ويستجاب للعبد ما لم يعجل، وانظري الفتوى رقم: ٨٣٣١.

وللمزيد من الفائدة حول السعادة الحقيقية ووسائل تحصيلها، انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٣٠٩٣، ٢٩١٧٢، ٣١٧٦٨، ٤١٣٤٧، ٤٤٥٤٢، ٣٥٠٤٦، ٣٨٨١٤، ٣٩٢٠٣.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٧ رمضان ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>