للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[وجوب التوبة من السمعة]

[السُّؤَالُ]

ـ[أعلم أن الرياء آفة كبيرة وتلقي بالمرء بالنار، ولكن عندما أنوي أن أصلي أو أن أعمل الأعمال الصالحة أقول لنفسي إن هذا لله ولا يهمني ما يقوله الناس بأنني رجل صالح وتقي، وبعد فترة من الزمن تصبح نفسي تفتخر بما فعلته أمام الناس بما فعلته من أعمال صالحة، ولكن أرجع وأقول لها بأن هذا العمل لله، ولكن بعد فترة يحدث نفس الشيء وأنهاها عن هذا، فهل أنا مرائي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الرياء محرم شرعاً وهو نوع من أنواع الشرك الأصغر، كما في حديث المسند، وقد تعبدنا الله تعالى بالإخلاص له في العبادة، فقال: فاعبد الله مخلصاً له الدين، ألا لله الدين الخالص. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإخلاص شرطا لقبول العمل، كما في الحديث: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه. رواه النسائي وصححه الألباني.

واعلم أن أهل العلم قد فرقوا بين الإتيان بالعمل لغرض الرياء وهو طلب النفع من المخلوق أو المحمدة أو دفع المضرة أو المذمة، قد فرقوا بينه وبين الإخبار بالعمل بعد وقوعه، فالأول يسمى رياء والثاني يسمى سمعة، وقد ثبت الترهيب منهما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من سمع سمع الله به ومن يراء يراء الله به. رواه البخاري ومسلم.

وقد ذكر أهل العلم أيضاً أن الرياء معصية تجب التوبة منها ولا يقبل العمل الذي عمله صاحبه رياء، وأما السمعة فهي محرمة أيضاً ولكن المسمع إذا تاب يغفر له ولا يحبط عمله الذي سمع به، قال صاحب مطهرة القلوب:

والسمعة الاخبار بالطاعات * بعد خلوصها من الآفات

لبعض أغراض الرياء والعمل * تفسده ولكن إن تبت اندمل

وبناء على هذا فإن إخبارك وافتخارك بالعمل بعد وقوعه ليس رياء ولكن يمكن دخوله في السمعة التي تجب التوبة منها، وإلا حبط العمل، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: ١٠٩٩٢، ٣٠٣٦٦، ٤٩٤٨٢، ١٩٠٤٣.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ جمادي الأولى ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>