للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا يلام المرء على تخصيصه أهل الفضل بالإحسان]

[السُّؤَالُ]

ـ[سؤالي هو أنني أحب الخير لكل الناس وأحاول أن أقدم يد المساعدة لكل من أستطيع تطبيقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((أحب العيال إلى الله أنفعهم لعياله)) ولقوله ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) ولكن في حبي وخدمتي أختص الملتزمين والمقيمين لحدود الدين أكثر من غيرهم فأقدم يد المعونة لإخواني الملتزمين ولو على حساب نفسي أما الآخرون فأخدمهم بما لا أتضرر أنا به. فهل أساوي بينهم؟ فأكون أقرب إلى مجلس النبي صلى الله علي وسلم يوم القيامة ((أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنهم أخلاقا)) وعندما أتلقى الشكر على المعروف أُسرّ وهذا يدفعني إلى المزيد من العمل فهل هذا يبعدني عن الإخلاص؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس. رواه الطبراني وحسنه الألباني في (صحيح الترغيب والذهيب) ، وفي لفظ آخر: خير الناس أنفعهم للناس. رواه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني في (صحيح الجامع الصغير) . ولا شك أن الإحسان إلى الناس فضله عظيم وثوابه جزيل، وصاحبه محمود عند الله والناس. وإن من تمام الإحسان إلى الناس: كف الأذى عنهم، وأمرهم بكل معروف يقربهم إلى الله، ونهيهم عن كل منكر يباعدهم عن الله. وكونك تخص المستقيمين المتمسكين بالدين بمزيد إحسان ـ فهذا مما تمدح عليه، لأن حب المؤمنين في الله تعالى يتبعض ويتجزأ، هذا يدل على أن محبتك لأهل الاستقامة أتم وأو فر. وولاؤك لهم أعظم. ولقد ندبنا نبينا إلى إكرام أصناف من الناس إكراماً يفوق غيرهم من المؤمنين، فقال صلى الله عليه وسلم: إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط. رواه أبو دواد وحسنه النووي. ولقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يدني أهل العلم والفضل والسبق من مجلسه، ويخصهم من الإكرام بما لا يخص به غيرهم، وكان يعظم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بدر والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار. وعلى هذا، فليس لأحد أن يلومك على إكرامك لأهل الفضل وإحسانك إليهم وتقديمك إياهم على غيرهم، فلك في رسول الله أسوة حسنة وأنت على سنن الخلفاء الراشدين المهديين. وأما كونك تتلقى بعض الشكر من الناس جزاء إحسانك دون أن يكون مقصودك من العمل ابتداء هو ثناء الناس ـ فلا شيء عليك إذا فرحت بثنائهم، فتلك عاجل بشرى المؤمن، وانظر الفتوى رقم: ٤١٢٣٦. هذا، وليعلم أن حديث: الخلق كلهم عيال الله، فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله. لا يصح، وقال عنه الألباني في (السلسلة الضعيفة) مرة: ضعيف ومرة ضعيف جداً، ويغني عنه الحديث الذي صدرنا به الجواب.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٢ ربيع الأول ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>