للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[يغفر الله للتائب ذنوبه الماضية]

[السُّؤَالُ]

ـ[إخوتي في الله..ها أنا وبعد سنوات من الغفلة وقد تاب الله علي..أنا شاب عمري ٢٥ سنة قد عشت طوال عمري في المعصية..لا أعرف شيئا عن أحكام الدين وأنا من بيئة صالحة ولكن الشيطان كان يزين لي أعمال السوء..لن أطيل عليكم وأدخل في الموضوع ... أنا الآن بعد إعلان توبتي منذ عام وبدأت أتعرف على أحكام التوبة الصحيحة حتى يرضى الله عني..وبدأت أراجع شريط حياتي بالكامل..وانظر ماذا قدمت يداي..طبعا كثير من الذنوب المتعلقة بالمال وحقوق الناس..والحمد لله حتى الآن أجاهد في تسديدها لأصحابها من كان له حق عندي..وأطلب التحلل من الأشخاص من ذوي الحقوق المنتسبة إلى..وها أنا الحمد لله بدأت في إنهائها تماما..وأنا أعزم الآن على خروجي للحج حتى أتم توبتي وإسلامي لله سبحانه وتعالى..ولكن المشكلة تكمن في أني وأنا أراجع نفسي وجدت ذنبا يهاجمني ليل نهار وأنا الآن حساس تجاه حقوق الله بطريقة غير عادية..يعنى موسوس جدا من خوفي الشديد من الله على العكس كما كنت من قبل..وسوف أحكي الموقف حتى تفيدوني ... منذ ٩ سنوات تقريبا ... كنت أستقل سيارة مع أحد الزملاء وكان برفقتنا زملاء آخرون في السيارة..كان عمري حينذاك ١٧ سنة..وفجأة صدم زميلي هذا شخصا بالسيارة وبعدها أصيب بخوف وزاد من سرعة السيارة وهرب خوفا من المسئولية..أنا وقتها كان ما يدور في رأسي هو الخروج من هذا الموقف العصيب بما أني ليس لدي أية مسئولية ولا شيء وهو المسئول في كل شيء..وكنت خائفا جدا وأريد أن أكون في أمان.ووقتها لم أكن على علم بالدين وما الواجب علي أن افعله.طبعا الواحد لما يكون غير عالم أحكام الله يكون مثل الأعمى ويتصرف على غير علم..وانتهى الموضوع وخرجت من السيارة وذهبت إلى المنزل وأنا ما عندي أية مشكلة لكن كل ما كان يضايقني وقتها كيف أني رأيت شيئا خطأ ولم أعرف ماذا أصنع..قصصت القصة على أخي بعدها بيوم ففاجئني بقوله لازم تبلغ الشرطة وتخلي مسئوليتك أمام الله. قلت له كيف ... قال ابعث جوابا لأقرب قسم شرطة وفعلا ذهبت لبيت زميلي هذا مع العلم أنه ليس صديقا وهو مجرد صاحب واحد صاحبي..وفعلا حاولت جاهدا أنى أحصل على رقم السيارة لكن لم أستطيع لأنها كانت مغطاة وقريبة جدا من المنزل وكنت أخشى تعريتها حتى لا تحدث مشكلة..فقصرت على نفسي وكتبت مواصفات السيارة والبيت ورقمه واسمه وكل حاجة وحكيت في الجواب كل شيء أعرفه وأرسلته..ولا أعرف ماذا حدث بعدها لكن تقريبا لم أسمع بأي أذى لهذا الزميل وبعدها انقطعت أخباره والصلة به وخلاص وانتهى الموضوع ... وها أنا الآن بعد ٩ سنوات أراجع نفسى..فأقول كيف هذا؟ ماذا فعلت؟ كيف لم أتصرف صح؟ وقلبي ينزف والله دمعا؟ لقد سئمت من التفكير في هذا الموضوع من معاقبة نفسي على تصرفي الخاطئ الجاهل؟ وأشعر بأني قد أذنبت والله أكثر من هذا الولد!! والموضوع حتى بعد مسائلتي لشيخي الذي يتابعني..لازال يهاجمني هجوما شديدا وأشعر بضيق بأن الله سوف ينتقم منى! أو أن علي كفارة لم أؤدها! أو هذا الشخص المصدوم له حق عندي! الشيطان لا يتركني والوساوس تلاحقني كثيرا حين يذهب تفكيري لهذا الموضوع..أرجوكم وقد أطلت عليكم ساعدوني في ردكم علي ولن أذكر ما قاله شيخي المربي لي..ولكن أريد أن أسمع الإجابة والمساعدة من فضيلتكم..

أود أن أعرف هل التوبة تكفي أم في كفارة أو براءة أو أي شيء من قبيل ذلك..أرجوك أفيدنى حاسس أن في حقا علي لازم أؤديه ولا أدري ما هو..ساعدني جزاك الله خيرا هل علي شيء بعد التوبة لأني حاسس أن إبلاغي كان غلطا وسكوتي عن المنكر كان غلطا..أفيدوني هل علي شيء للرجل هذا بعد التوبة يعنى كتحقيق للشرط الرابع للتوبة التحلل من حقوق الآخرين بما أنى كنت جاهلا يعني والآن أنا قد تبت وعلمت؟ ..أفيدوني.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ويثبتنا وإياك على الاستقامة وطريق الخير.

ولتعلم أن العبد إذا أخلص التوبة لله تعالى غفر له ما مضى وبدل سيئاته حسنات، كما قال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: ٦٨-٧٠} .

وبخصوص ما ارتكبه زميلك من عدم إبلاغ الهيئات المختصة فإنه جريمة نكراء ومعصية كبرى، فعليك أن تنصحه إذا كنت تعرفه بأن يتوب إلى الله تعالى التوبة النصوح، ويتوجه فورا إلى الجهات المسؤولة لعمل اللازم وما يترتب على حادثه، والتكتم على هذا النوع يعتبر من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله تعالى عنه في محكم كتابه، والساكت عليه شيطان أخرس.

وفيما يخصك شخصيا فما دمت قد بلغت الشرطة في الوقت المناسب وأعطيتهم كل المعلومات لديك من وصف السيارة وموقع البيت.. فنرجو أن تكون قد أديت الذي عليك، وتعاونت على البر والتقوى الذي أمر الله بالتعاون عليه، وإذا كان الأمر كذلك، فنرجو أن تكون قد برئت ذمتك.

وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: ٥٤٥٠.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٧ محرم ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>