للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[يتوب الله على من تاب وإن عظمت ذنوبه]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا ارتكبت ذنوباً حيث إني في يوم قمت بحضن ولد من دبره لكن كان يرتدي سرواله وأنا كنت أرتدي سروالي إلى أن استمنيت هل ينطبق علي حد اللواط، هل لي من توبة مع العلم أن شهوتي تغلب علي دائماً، وأنا أريد أن أتوب وارتكبت ذنوباً أخرى هل يقبل الله توبتي إذا تبت وكيف؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاللواط شرعاً هو: تغييب الحشفة في دبر الذكر، ذكره صاحب الفواكه الدواني وغيره.

ومن تعريف اللواط يتبين أن ما فعلته ليس لواطاً بالمعنى الشرعي وهذا لا يعني أنه جائز، بل هو من المحرمات الداخلة في قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {المؤمنون:٥-٦-٧} ، وهو كذلك من مقدمات اللواط الذي يعد من أكبر الكبائر التي حرمها الله تعالى، وبين قبحها في القرآن، وذم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلها، وأجمعت الأمة على تحريمها، وفضلا عن حرمتها فهي أمر مناف للفطرة، معاكس للطبيعة، ولذلك قال تعالى منكراً على فاعلها: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ {الشعراء:١٦٥-١٦٦} ، ولكن باب التوبة مفتوح أمام العبد ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم، وقوله: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر.

واعلم أن التوبة النصوح هي المشتملة على: الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفا من الله سبحانه وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة إليها، والله تعالى بمنه وكرمه قد وعد التائبين بقبول توبتهم وغفران ذنوبهم مهما عظمت وكثرت، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:٥٣} .

بل إن الله تعالى من سعة فضله ومن رحمته بعباده يبدل السيئات التي قد تاب منها العبد إلى حسنات، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان: ٦٨-٦٩-٧٠} ، فعليك أن تكثر من الأعمال الصالحة وأن تستتر بستر الله عليك.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ شعبان ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>