للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الزنا بذات الزوج أعظم]

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد زنيت بامرأة متزوجة منذ خمس سنوات مرة، وسرت في الحياة، واليوم أردت التوبة من ذنوبي كافة، لكن واجهت مشكلة هي: أنني سمعت لو أن الله غفر لي وأردت دخول الجنة سأجد زوج تلك المرأة في باب الجنة ويقول لله عز وجل أريد جميع حسنات هذا وآخذ سيئاته فأصبح من الخاسرين، فإن كان هذا لماذا التوبة، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنك أخطأت خطأً كبيراً، فالزنا قد نهى الله عنه واعتبره فاحشة، قال الله تعالى: وَلَا تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:٣٢} ، وإذا كانت المزني بها ذات زوج، فإن الإثم يكون أعظم والذنب أكبر، قال ابن القيم في الجواب الكافي: فالزاني بالمرأة التي لها زوج أعظم إثما من التي لا زوج لها، إذ فيه انتهاك حرمة الزوج وإفساد فراشه وتعليق نسب عليه لم يكن منه، وغير ذلك من أنواع أذاه ...

وما ذكرته من أنك ستجد زوج تلك المرأة في باب الجنة إلى آخر ما جاء في سؤالك، لم نقف عليه بالكيفية التي ذكرتها، ولكن وردت نصوص تدل على أصل المقاضاة في ذلك الموقف منها ما في البخاري من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا نقوا وهذبوا أذن لهم بدخول الجنة.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولامتاع، فقال: إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة يأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.

وعليه فواجبك هو أن تكثر من التوبة والاستغفار والعمل الصالح، كفارة لما اقترفته من تجاوز لحدود الله، وتكثر أيضاً من الحسنات استعداد للمقاصة بينك وبين أصحاب الحقوق، واعلم أن أهمية التوبة وقيمتها لصاحبها هي أكثر مما تتصوره بكثير، فالله تعالى يغفر بالتوبة حقوقه، وقد لا يغفر حقوق العباد، وإذا لم يتب العبد، وأدى يوم القيامة ما عليه من الحقوق لأصحابها بالمقاصة التي بينا ولم يبق عليه شيء من حقوق الآدميين، فإنه من الجائز أن يعذب على حقوق الله بسبب عدم توبته منها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ شعبان ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>