للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[عاقبة التبذير وعدم تقدير الرزق والنعمة]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا أخوكم المسلم أتوجه إليكم بالشكر والامتنان على وضوح وصراحة إجاباتكم على الأسئلة المتعددة، وجزاكم الله خيرا أما بعد؛

فإن بي مشكلة عويصة حطمت طموحاتي ألا وهي؛

_ لي ٢٣ سنة وأشتغل بشركة أجنبية منذ ثلاث سنوات بميدان الإعلامية وأتقاضى مرتبا محترما ولكني لم أحصل حتى الآن فلسا واحدا مع أني متقي ولا أمارس أي نوع من الفساد،

فإني حائر في أمري ونادم أشد الندم على ما ضيعت من أموال رزقنيها الله ولم أنتفع بها ولم أعمل أي حساب ليوم عسير.

إني خائف جدا من الله الذي يرزق العباد ولكنهم ظالمون أنفسهم، لقد من الله علي برزق وافر ولم أحافظ عليه وأهدرته في ما لا يعني.

إخواني اني ألتمس منكم إرشادي الى الطريق الصواب الذي ينقذني من الضياع ومن غضب الله تعالى ومدي بالموعظة والإرشاد بما يرضي الله.

كذلك ألتمس منكم مدي بأدعية تكفر من ذنوبي لعدم حفاظي على الأمانة التي أمدنيها ربي ألا وهي المال الذي هو ملك الله تعالى ونحن خلفاؤه في الحياة الدنيا الغرارة.

وجزاكم الله خيرا وأرجو أن تكون هذه المسألة عبرة للآخرين ...

أرجو أن تعطوها عنوان \"الرزق والأمانة\"

__١ -هل ينزع الله الرزق ممن لا يحسن الحفاظ عليه؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الله تعالى استخلف الناس على الأموال التي بأيديهم؛ كما قال جل وعلا: [وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ] (الحديد: ٧) .

قال القرطبي في تفسير الآية: فيه دليل على أن أصل الملك لله سبحانه، وأن العبد ليس له فيه إلا التصرف الذي يرضي الله فيثيبه على ذلك بالجنة. اهـ.

وحرم الله عليهم إضاعتها وتبذيرها، فقال: [وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا] (النساء: ٥) أي قوام عيشكم الذي تعيشون به، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله كره لكم قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال. رواه البخاري.

وأمر الله عباده بالتوسط في الإنفاق، وحذرهم عاقبة ترك التوسط.

قال تعالى: [وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا] (الإسراء: ٢٩) .

يقول الإمام الطبري في تفسير الآية: ولا تبسطها بالعطية كل البسط فتبقى لا شيء عندك، ولا تجد إذا سئلت شيئا تعطيه سائلك. "فتقعد ملوما محسورا" يقول: فتقعد يلومك سائلوك إذا لم تعطهم حين سألوك، وتلومك نفسك على الإسراع في مالك وذهابه محسورا. اهـ.

فعلم مما تقدم أن من رزقه الله رزقا حسنا فبذر ولم يحسن التصرف فيه أن مآله إلى الفقر وذهاب ما بين يده جزاء عدم شكره للنعمة التي استخلفه الله عليها.

وأما ما سألت عنه من أدعية بهذا الخصوص فنوصيك بالدعاء الوارد وهو ما رواه ابن أبي شيبة وغيره مرفوعا: اللهم إني أسألك كلمة الإخلاص في الغضب والرضى، والقصد في الغنى والفقر.

وكذلك الدعاء الذي رواه مسلم في صحيحه وهو: اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٤ جمادي الأولى ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>