للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[وسائل التعلق بحبل النجاة والبعد عن مسالك الهلاك]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا الآن موجودة في مصر للنزهة وسأقيم فيها لمدة شهرين ولدي هنا سكن خاص أود أن أسأل عن القصر والجمع في الصلاة متى وكيف يتم؟؟

أهلي مصممون على أن الصلاة يمكن أن تجمع دون قصر طوال مدة إقامتنا بحكم أننا في سفر؟؟ أنا محتارة ومرة خايفة، إذا كان كلامهم صحيحا فالحمدلله،، لكن لوكان غلطا كيف أواجههم،

أرجو سرعة الإجابة لإني في حيرة من أمري

للعلم أنا أحفظ القرآن كاملا ولكن مجبرة من قبل أهلي على كثير من الأمور التي تغضب ربي أعينوني لأكون على صواب.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد رخص الشارع الحكيم للمسافر ـ سفراً مباحاً ـ مسافة قصر وهي ما تقدر بـ: ٨٣ كيلو متراً أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، جمع تقديم أو جمع تأخير، ويقصر الرباعية إلى ركعتين، وسواء كان في حالة سيره إلى البلدة التي يقصدها أو بعد وصوله إليها، ما لم ينو الإقامة فيها أربعة أيام فأكثر.

فإن نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فقد انقطع سفره ولم يجز له جمع الصلاة ولا قصرها. على الراجح من أقوال أهل العلم.

وحيث قد نويتم الإقامة فوق أربعة أيام فليس لكم الأخذ برخص السفر من الجمع والقصر، وعليكم تأدية الصلاة في وقتها، وتجدين تفصيل ذلك في الفتوى رقم: ٦٢١٥. وإن الواجب على المسلم أو المسلمة الالتزام بفرائض الله تعالى وترك محرماته، ليفوز في الدنيا والآخرة ويسعد فيهما، وليسلم من عذاب الله، كما قال سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (النساء: ١٣ ـ١٤)

وإذا كان الأمر واجباً على المسلم يتعلق به نجاته أو هلاكه، فلا يجوز له حينئذ المجاملة فيه لقريب أو صديق، ومن المقرر شرعاً أنه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والحاكم بإسناد صحيح.

فالواجب على المسلم طاعة ربه مولاه، وليستحضر دائما الحديث الذي رواه الترمذي بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أرضى الناس بسخط الله، وكله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضى الله كفاه الله مؤونة الناس.

وننصحك بأمور إذا التزمت بها فستكونين إن شاء الله على صواب وهدى ورشاد وهي:

١ـ القرب من الأجواء الإيمانية، من حضور مجالس الذكر، ومجالسة الصالحات، يقول الحسن البصري: إخواننا عندنا أغلى من أهلينا، أهلونا يذكروننا الدنيا، وإخواننا يذكروننا الآخرة.

٢ـ التأسي والتشبه بالقدوة الصالحة، وفي رسولنا صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لكل مؤمن، وفي الصحابيات رضي الله عنهن قدوة حسنة لكل فتاة وامرأة مسلمة، ويكون ذلك بقراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسير أصحابه رجالا ونساء.

٣ـ تجنب أهل الفسق والفجور، فإن قربهم ومخالطتهم من أعظم الأسباب التي تورث قسوة القلب.

٤ـ عدم الانشغال الشديد بأمور الدنيا، وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم من هذه حاله وعده عبداً للدنيا، فقال: " تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار ". رواه البخاري.

٥ـ قصر الأمل قال تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (الحجر:٣)

وعن علي رضي الله عنه أنه قال: أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة.

٦ـ عدم الإفراط في المباحات من أكل، وشرب، ونوم، وكلام، وخلطة، فكثرة الأكل تبلد الذهن، وتثقل البدن عن طاعة الله، وتغذي مجاري الشيطان في الإنسان، حتى قيل: من أكل كثيراً شرب كثيراً، فخسر أجراً كثيراً.

والإفراط في الكلام يقسي القلب، والإفرط في مخالطة الناس تحول بين المرء ومحاسبة نفسه والخلوة بها والنظر في تدبير أمرها، وكثرة الضحك تقضي على مادة الحياة في القلب فيموت لذلك، قال صلى الله عليه وسلم: " لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ". رواه ابن ماجه وصححه الشيخ الألباني.

ولابد أن يصحب ذلك كله الدعاء بالثبات، فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يكثر منه: " اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ". رواه أحمد. نسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه وأن يلهمنا رشدنا ويقينا شر أنفسنا

ومع هذا كله نوصيك بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأولى الناس بذلك منك أهلك الذين تخالطينهم وتعاشرينهم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٣ جمادي الأولى ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>