للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[من اقترفت ذنبا وتابت لا يخرجها من كونها ذات دين وخلق]

[السُّؤَالُ]

ـ[السلام عليكم وبعد وقبل أن أدخل في السؤال أرجو أن أعتذر عن طول السؤال لأنه يحتاج لبعض التوضيح وهو:

لي صديق خطب قريبته لمدة تزيد عن السنتين ثم دخلت الجامعة وفي الجامعة أقامت علاقة مع شخص آخر (العلاقة ليست بغرض أن تتركه وتتزوج غيره إنما بغرض تزجية الوقت) مع العلم بأنه حذرها - خطيبها- من هذا الشاب وأخبرها بأن أخلاقه غير سوية ومع ذلك استمرت بدون علمه ووصلت العلاقة بأن سمحت له بلمس جسدها وفعل ذلك معها كذا مرة وبرضاها (لم تصل لمرحلة الزنا إنما لمس للجسد مثل القبل وكذا) وهي تركت هذا الموضوع زمنا ولم تخبره ولكنه بالصدفة اكتشف كل ذلك مؤخرا واعترفت بأنها فعلت ذلك وهي نادمة أشد الندم على ما فعلت وما قامت به هو من عمل الشيطان وتفاجأت بأنه علم بالموضوع وانهارت , ما حدث هو أنه تزوجها لأسباب:

١. أنها قريبته وواجب سترتها.

٢. تركها يسبب انشقاق في الأسرة ومشاكل لا يعلم مداها إلا الله.

٣. ماذا يقول لأهلها في سبب تركها.

٤. اقترح عليها بأن تخبر أهلها بأنه غير سوي وغير مؤهل لها لكي تتزوجه حتى يكون الرفض من جانبها فرفضت رفضا باتا.

وبعد الزواج بعدة أشهر _ لهما الآن حوالي الأربعة اشهر_ ساءت حاله ودخل هو في دوامة نفسيات شديدة لأنه لم يستطيع نسيان الموضوع وهو الآن يفكر في طلاقها ومتردد لأن ذلك سوف يثير الشكوك حولها وهو الآن حيران ويسأل هل زواجه باطل من وجهة نظر شرعية لأنه لم يختر امرأة ذات دين وهل ما فعلته يخرجها من أنها ذات دين

والشق الثاني المهم في الموضوع هو أنه يعرف هذا الشخص وهو اعتدى على عرضه فماذا يفعل معه هو لا يستطيع أن يشتكيه المحكمة , ليس لديه دليل ثم يتنافى مع مبدإ السترة الذي يؤمن به, يضربه مع إمكانه فعل ذلك لكن يرى أنه هو لم يغصب قريبته هذه وهي فعلت ما فعلت بإرادتها.

هو الآن حيران وأظلمت الحياة في وجهه مع العلم بأنه لا يرى أي مبرر لما حصل غير أن قريبته هذه لا أخلاق لها وهو كان يعتقد بأن الزواج ينسيه ولكن هو الآن في حال لا يحسد عليها ويخشى من أن يقول لامرأته كلمة جميلة لأنها في نظره لا تستحق ولا يقبل منها كلمة جميلة لأنه يعتقد أنها كاذبة

هو محتار والمشكلة أنه لا يستطيع أن يحكي لأي شخص هذه المشكلة بالتفصيل وحكاها لي لأسباب خاصة جدا وأنا أبحث معه على حل وأنت الحل من بعد عون الله تعالى فهلا أخرجتنا من هذه المحنة وأرجو أن أتلقى ردكم ولا أظنكم تبخلون بذلك مع أنني أدري أن وقتكم ثمين وغال لكن قدر هذه المحنة ولكم الثواب عند الله تعالى بإذنه والسلام]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجب على هذه الفتاة التوبة والاستغفار من تلك العلاقة الآثمة، وقد كان الأولى بها الستر على نفسها وعدم الإخبار بما فعلت من خطايا ولو طلب منها ذلك خطيبها، لأن التصريح بالذنب بعد فعله معصية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه. متفق عليه.

وإذا كانت هذه الفتاة قد تابت من ذنبها وندمت منه كما هو مبين في السؤال، فلا داعي لطلاقها، لأن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب عليه، وكونها قد اقترفت ذنبا وتابت منه لا يخرجها ذلك من أن تكون امرأة صالحة ذات دين وخلق، لأن السلامة من الذنوب أمر عسير التحقق على بني آدم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه الألباني.

وعلى هذا، فندعو هذا الرجل إلى الاستمساك بزوجته وليصرف عن ذهنه ما بدر منها من تصرفات ماضية ما دام أنها أصبحت مستقيمة، وليحذر من ذكر ذلك للغير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. متفق عليه. وكذا الحال مع الشاب الذي كان يقيم معها تلك العلاقة، خاصة أن في التعرض له مضار كثيرة أقلها شأنا فضح زوجته وقريبته.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٨ ربيع الأول ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>