للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الفرق بين الورع والتشدد]

[السُّؤَالُ]

ـ[ما الفرق بين الورع والتشدد؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالورع في الأصل هو ترك ما لا بأس به حذراً مما به بأس. وفي تعريفات الجرجاني هو اجتناب الشبهات خوفاً من الوقوع في المحرمات.

وأما التشدد فهو تحريم الحلال أو تركه تعبداً أو التعبد بما ليس بعبادة، فالأول أي تحريم الحلال: كقصة الثلاثة الذين قال أحدهم لا أتزوج النساء، وقال الآخر لا آكل اللحم، وقال الثالث: لا أنام على فراش، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم بما قالوا قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني. والحديث متفق عليه.

والثاني: كقصة أبي إسرائيل التي رواها البخاري عن ابن عباس قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه. ففيه أنه أمره بإتمام المشروع وهو الصوم ونهاه عن الباقي لأنه ليس بعبادة، وفيه تعذيب النفس بغير فائدة، وهذا هو التشدد.

أما ترك بعض المباحات أو التقليل منها لتهذيب النفس وكسر شهوتها، وخوفاً من الانجراف إلى الإكثار من المباحات بحيث تجر إلى ما فيه شبهة فلا شيء في ذلك، ولا تشدد في هذا، بل هو نوع من علاج النفس.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٧ صفر ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>