للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[عبادات رغب الشارع فيها دون تحديد زمن لفعلها]

[السُّؤَالُ]

ـ[السلام عليكم. هل يجوز دفع وقفيات الأضاحي وإفطار الصائم وكفالة أيتام مرة واحدة عن العمر كله؟ حيث لا أضمن أن أعمل طيلة حياتي، وأود أن أرضي الله في هذا العمل، وهل هذا العمل واجب على كل مسلم؟ أم يعتبر صدقة أم ماذا؟ يرجى الإيضاح، علما بأن هناك من يعلمني بأن ليست كل الجهات الخيرية تعمل على استخدام الأموال بالطرق المشروعة، بينما أنا أقول: إنما الأعمال بالنيات، والله شاهد على ما نويت وعلى ماذا أنفقت أموالي، وشكرا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنك سألت عن عبادات يختلف حكمها، فأما إفطار الصائم وكفالة الأيتام، فليس لأي منهما وقت محدد، فمتى أخرجت من المال شيئا ووضعته في أحدهما، كان فعلك صحيحا، لأن الشارع رغب فيهما ولم يحدد لذلك زمنا يقع فيه.

روى الترمذي وابن ماجه والدارمي وأحمد من حديث زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من فطر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا.

وعن سهل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى. أخرجه البخاري والترمذي وأبو داود وأحمد.

وأما الأضحية فلا تصح إلا في أيام النحر الثلاثة بعد صلاة العيد يوم النحر، ومن ذبحها في زمن غير ذلك، فإنها لا تكون أضحية. روى الشيخان والترمذي والنسائي وأبو داود والدارمي وأحمد عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من ضحى قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين.

وحكم هذه العبادات الثلاث هو أنها ليس فيها ما هو واجب لذاته، وقد يعرض لها الوجوب.

فأما الأضحية، فهي سنة مؤكدة، وإذا نذرها الإنسان وجبت عليه، لما روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه. أخرجه البخاري وأصحاب السنن ومالك وأحمد.

وأما إفطار الصائم وكفالة الأيتام، فمستحبان، ويمكن أن يعرض لهما الوجوب بالنذر لما سبق، ويمكن أن يعرض لهما إذا تعينا على شخص، كما إذا لم يجد الصائم مفطرا، واليتيم كافلا وخيف عليهما الهلاك.

ثم إن المنظمات الخيرية ليست بالضرورة كلها عادلة في عملها، فلا ينبغي للعاقل أن يضع ممتلكاته إلا في محل يتأكد أنه سيجعل منه مقصوده.

فصحيح أن الأعمال بالنيات، وأن الله شاهد على ما أنفقت من أموالك، ولكنك مع ذلك مطالب بأن تتحرى العدالة وتتروى حتى تطمئن إلى أن الذي أنفقته سيبلغ محله ومصرفه.

واعلم أن الأضحية يصح أن ترصد لها أموال يضحى منها كل سنة، ولكنها إذا نَفَدَتْ لا تسقط سنيتها عن القادر عليها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٣٠ جمادي الأولى ١٤٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>