للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الجمع بين الخوف والرجاء هو التوازن]

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز للشخص أن يعمل المعاصي ثم يقول إن الله غفور يغفر الذنوب جميعها سوف أستغفر الله؟.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنه يجب على المسلم أن يجمع بين الرجاء والخوف، فلا يأمن مكر الله ولا يقنط من رحمته، لقول الله تعالى: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ [الحجر:٤٩-٥٠] .

ولقوله: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ [الحجر:٥٦] .

ولقوله: وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف:٨٧] .

ولقوله: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:٩٩] .

وقد قال بعض الأدباء:

نبيء عبادي أني ... أنا الغفور الرحيم

فتلك الآية حق ... لكنها يا كريم

معها وإن عذابي ... هو العذاب الأليم

فيجب على المسلم أن لا يأمن مكر الله، وأن لا يسوف بالتوبة، لأنه قد يموت أثناء قيامه بالمعصية، وقد تعاجله المنون قبل التوبة.

فتجب المبادرة بالتوبة والعزم الصادق على عدم العودة للمعصية، فقد وعد الله بالغفران لمن شاء، فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً [النساء:٤٨] .

فإذا كنت لا تدري شيئاً عن مصيرك، وهل أنت ممن يغفر لهم أم لست منهم، فيجب أن تراجع نفسك وأن تقلع عن الإصرار على المعاصي والإدمان عليها، فإن المعاصي إذا تكررت تسود القلب ويغلب عليه الران، كما في الحديث: إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكت في قلبه نكتة، فإن هو نزع واستغفر صقلت، فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، فذلك الران الذي ذكره الله تعالى: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٧ جمادي الأولى ١٤٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>