للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التوبة النصوح تمحو ما اقترف العبد من الآثام]

[السُّؤَالُ]

ـ[إذا عملت شيئاً وفي آخره مرض وأنا في بدايته لم أعلم بذلك وعندما علمت حاولت أن اتركه فلم أستطع ----- عندما أتوب إلى الله وأنا نادم وعازم على عدم العودة هل يكفيني الله شر هذا المرض أم لا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن من سعة رحمة الله تعالى أن جعل التوبة لعباده تمحو ما قد اقترفوه من الآثام. قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طه:٨٢] ، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:٢٢٢] ، وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:٥٣] .

ومن فضله تعالى أنه يبدل سيئات التائبين حسنات إذا صدقوا في التوبة وأحسنوا في الإنابة، قال تعالى: إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:٧٠] .

وأما بخصوص المرض المذكور فإنا لا نستطيع الجزم بأنك ستنجو منه بمجرد التوبة، فأمر ذلك إلى الله. فكل ما في الأمر أن تقوى الله والإنابة إليه والتمسك بدينه سبب في معية الله والسعادة في الدنيا والآخرة، والنجاة من البلايا. قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة:١٩٤] ، وقال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:٩٧] ، وقال تعالى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [فصلت:١٧، ١٨] .

وإن الإعراض عن الله سبب في تعاسة العيش والعذاب يوم القيامة، قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:١٢٤] .

يبقى أن ننبهك على أن الشيء المضر يجب عليك تركه، ولا تكون تائبًا من الذنب إلا بتركه، فالتوبة مع الإقامة على فعل المحرم استهزاء بالله، ودعواك أنك لا تستطيع الترك دعوى باطلة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٢ جمادي الأولى ١٤٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>