للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مضيع الساعات كم يفوته من الخير]

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم أن أقتني (دش) ولا أتابع عليه إلا كرة القدم للرجال فقط وأقسم بالله على ذلك؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا مانع من ذلك في ظل التقيد بالآداب المذكورة في الفتوى رقم: ٢٤١٤٦، والفتوى رقم: ١٩١٧٩ لكن هناك أمران عليك أن تنتبه لهما:

الأول: سؤال نوجهه إليك هل تستطيع أن تملك قلبك من التحول والتقلب فلا ترجع غداً وتقلب طرفك في القنوات الأخرى التي لا تكاد تخلو مما يغضب الله من العري والتفسخ ونحوه؟ والجواب الصحيح: أن تقول لا أستطيع أن أضمن ذلك لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وهو يسول له دائماً -بالتعاون مع النفس والهوى- أن يوقعه فيما حرم الله تعالى ويزين ذلك له وخاصة إذا كانت أسباب ذلك سهلة متيسرة للمرء.

فلا يغترن أحد بنفسه ولا يركنن إلى استقامتها على الخير إلا بتوفيق من الله تعالى، والمعصوم من عصمه الله تعالى، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقالوا: يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟! فقال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يقلبها. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وغيرهم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وصححه الألباني.

قال السندي في شرحه: كناية عن سرعة تقلبها، واحتاج في الثبات على الخير إلى الله تعالى على الدوام. انتهى.

وكم من الناس سلك هذا الطريق وأدخل الدش فأفضى به إلى اقتراف الفواحش وارتكاب الزنا وضياع الدين!! فاحذر أخي أن تزل قدمك.

الثاني: عمر الإنسان هو رأس ماله، ولهذا فالعاقل هو الذي يحسن استغلال وقته فيما ينفعه، لا من يضيع الساعات تلو الساعات فيما لا طائل تحته سوى أن الفريق الفلاني فاز على الفريق الفلاني ونحوه، ورحم الله من قال:

نسير إلى الآجال في كل لحظة ... وأيامنا تطوى وهن مراحل

ترحَّل من الدنيا بزاد من التقى ... فعمرك أيام وهن قلائل

ورحم الله ابن الجوزي الذي نصح ولده في رسالته القيمة: لفتة الكبد إلى نصيحة الولد: فذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة. فقال معقباً: فانظر يا بني إلى مضيع الساعات كم يفوته من النخيل.

وجاء رجل إلى بعض السلف يستأذنه في أن يتوسع في شيء من الحلال فأبى وقال له: عند نفسك من الغفلة ما يكفيها.

نسأل الله تعالى أن يلهمنا وإياك رشدنا ويزيدنا علما ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ صفر ١٤٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>