للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حاسب نفسك لو قد رأيت الناس آذوك]

[السُّؤَالُ]

ـ[كثير من أصدقائي (المسلمين وغيرهم) آذوني وعاملوني معاملة سيئة مع أنني قد ساعدتهم مرات عديدة، عندما احتاجوا لي؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الإسلام دين جاء بمكارم الأخلاق حاثاً أتباعه على التخلق بها، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن" رواه الترمذي وغيره.

ويقول صلى الله عليه وسلم: "وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" رواه الترمذي والدرامي وغيرهما.

وآيات القرآن، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى كثيرة جداً، فما قد يحدث من بعض المسلمين من إساءة خلق، فإن ذلك لا يعني أن دينهم هو الباعث على ذلك.

ولكن الإسلام جاء بشيء من التفريق في المعاملة بين المسلم وغير المسلم، فأمرنا أن لا نبدأ غير المسلمين بالسلام إظهاراً لعزة الإسلام الذي هو دين الله الحق، وما سواه من الأديان باطل.

كما نهانا أن نظهر الخضوع أو اللين أمام الكافر، لأنه ليس أهلاً لذلك، فإذا أسلم أصبح أخاً لنا له ما لنا، وعليه ما علينا.

ونحن بهذا نريد أن ننبه السائل إلى أنه إن كان غير مسلم ووجد شيئاً من هذا التعامل، فلا يلومن إلَاّ نفسه، فمن لم يعرف لله عز وجل قدره فكفر به وعادى رسله وكذب خاتمهم وآخرهم محمداً صلى الله عليه وسلم، فمن فعل هذا كيف يريد أن يقابله المسلمون بالبشر والفرح والترحاب؟!! فهذا لا يكون.

وأما إن كان المقصود شيء آخر من الإيذاء الذي لا مسوغ له، فالإسلام لا يأمر بذلك، بل أمر بعكسه، فقد قال سبحانه: (هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ) [الرحمن:٦٠] .

ويقول عن علاقتنا بالكفار غير المحاربين لنا: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة:٨] .

أما إن كان السائل مسلماً ثم وجد من بعض إخوانه المسلمين معاملة قاسية كهجره وترك كلامه والسلام عليه وما شابه ذلك، فربما كان ذلك بسبب ذنوب ارتكبها، فعمدوا إلى ذلك لتأديبه امتثالاً لتعاليم الدين في معاملة العاصي حتى يرجع ويتوب، هذا إذا كانوا من أهل التدين والاستقامة.

وإن كانوا غير ذلك، فخير ما نوصي به السائل هو: الصبر على أذى الناس، واحتمال ما يأتيه عنهم، والله لا يضيع أجر الصابرين.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ صفر ١٤٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>